تزوَّجت من امرأة واشترطت عليَّ شفاهةً قبل الزواج أن لا أتزوج عليها وإلا اعتُبر الزواج باطلًا ووافقت على شرطها. وعند كتابة العقد وأمام الشُّهود رفض المأذونُ تسجيل هذا الشرط بدعوى عدم شرعيَّتِه.
وبعد 14 عامًا من الزواج لم نرزق فيها بذرية بسبب منها، وأردت الزواج بغرض الإنجاب فرفضت. وبعد صبر تزوجت بدون عِلمها ولم أخبرها إلا بعد الزواج، وعندما علمت أصرت على الطلاق فطلقتها.
وفي فترة العدة أردت أن أردَّها وأعلمتها برَدِّها، ولكنها رفضت بعلَّة أن العقد فسد بالزواج، وأنها لا ترضى بالردِّ لشرط العقدِ، بينما تمسَّكت أنا بقوله تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ﴾ [البقرة: 228].
والسؤال هو:
هل يحقُّ لي ردُّها بدون رضاها؟ هل فسد العقد بالزواج الثاني ويلزم عقدٌ جديد؟ ومن أي وقت يُحتسب بطلان الزواج أن بَطل؟ من وقت الزواج الثاني أم من وقت إعلامها أم من وقت طلاقها؟ هل يقع الطلاق وتحتسب طلقة؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فـ «إنَّ أحَقَّ مَا وَفَّيْتُمْ بهِ مِنَ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ به الفُرُوجَ»(1). فللمرأة شرطُها أن لا تتزوج عليها، فإن تزوجت عليها كان لها الحق في طلب التطليق للضرر، ولا يُسقِط هذا حقوقَها المالية كالمخالعة.
أما قولها في شرطها: (فالزواج باطل) فهو لغو، لأنه كان قبلَ أن تملك العصمة، وقبل أن تعقد عقد النكاح، فضلًا عن بطلان هذا القول في ذاته؛ فإن الله ورسوله لم يجعلَا من الزواج بثانيةٍ سببًا من أسباب بطلان عقود الأنكحة، فإن البطلان حكم شرعي من أحكام الوضع، يرجع فيه إلى الشرع لا إلى أهواء الناس؛ لاسيما مع رفض المأذون لكتابة هذا الشرط في العقد، وإعلامكم بعدم شرعيَّته.
أما طلاقُكَ لها بعد إصرارها على الطلاق فهو طلاق شرعي صحيح، لأنه صدر من أهله وهو الزوج، إبان قيام الزوجية الصحيحة، وأنت أحقُّ بردها ما دامت في العدة، لقوله تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: 228].
والعدة تحتسب من تاريخ وقوع الطلاق. وأسأل الله أن يُصلح لك زوجك، وأن يصلحك لها، وأن يجمع بينكما في خير. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الشروط» باب «الشروط في المهر عند عقدة النكاح» حديث (2721)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «الوفاء بالشروط في النكاح» حديث (1418) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.