ما الحكم الشرعي في الرجوع في البيع؟ وجزاكم الله خيرًا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد صحَّ قوله صلى الله عليه وسلم: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَـمْ يَتَفَرَّقَا»(1). فلكل من البائع والمشتري الخيارُ ما داما في مجلس العقدِ، فإن تفرَّقا لزمت الصفقة، وليس لطرف منهما أن يُجبر الآخر على الرجوع فيها، ويكون التقايل بعد ذلك من المروءات، وليس من الحقوق الواجبة، فـ«مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ أَقَالَ االلهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(2).
ويجوزُ لمن كان متردِّدًا في إبرام الصفقة أن يشترط لنفسه حقَّ الخيار خلال مدة معينة، ويكون له الحق في الرجوع خلال هذه المدة، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن كان يخدع في البياعات: «إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ. ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْـخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ؛ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى صَاحِبِهَا»(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «البيوع» باب «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» حديث (2110)، ومسلم في كتاب «البيوع» باب «الصدق في البيع والبيان» حديث (1532) من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه.
(2) أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (11/402) حديث (5029) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) أخرجه ابن ماجه في كتاب «الأحكام» باب «الحجر على من يفسد ماله» حديث (2355) مرسلا عن محمد بن يحيى بن حبان رحمه الله، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2875).