لدي محلٌّ تجارة ألعاب، ومبتلى بحديث النفس والوساوس بالحلف بالطلاق. تعتب منها، فحلفت بيني وبين نفسي بالطلاق ألا أبيع ألعابًا من نوع الطائرات النوع الجيد إلا بخمسين ريالًا، فهناك النوع الجيد والنوع غير الجيد، فكنت أبيع النوع الجيد بخمسين، والنوع غير الجيد بخمس وعشرين من نفس النوع، فجاء زبون وبعته من النوع الجيد بخمس وعشرين بالخطأ، وأنا لا أعلم لأنها اختلطت بالنوع غير الجيد، بعته بالخطأ.
ولم أكتشف ذلك إلا في اليوم الثاني، وشعرت بخوف شديد، فهل ينطبق علي القاعدة التي تقول: مَن حلف بالطلاق على شيء معين وفَعَله بالخطأ والنسيان… وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْـخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه»(1).
فهل هذا الحديث ينطبق عليَّ؟ علمًا بأنه كان حديثَ نفس، ولكن لا أعلم بالتلفظ بفعل الوسوسة، وفي حالة التلفظ هل ينطبق عليَّ قول الرسول الكريم؟
هذا، ولا يسعني إلا أن أقول: الشكر لله، ثم للشيخ الكريم صلاح الصاوي، وأسال الله أن يمدَّ في عمرك. ونرجو من الله أن يجعلك ذخرًا للإسلام والمسلمين.
_________________
(1) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2801)، وابن حبان في «صحيحه» (16/ 202) حديث (7219)، والبيهقي في «الكبرى» (7/ 356) حديث (14871)، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه». وقال البيهقي: «جوَّد إسناده بِشر بن بكر وهو من الثقات».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الظاهرَ من أقوال أهل العلم أن الحنث لا يقع بفعل المحلوف عليه خطأً أو نسيانًا؛ لعموم قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286] ، وعموم قوله تعالى في الحديث القدسي في الصحيح: «قَدْ فَعَلْتُ»(1).
هذا بالإضافة إلى عدم تيقُّنك بالتلفظ بالطلاق، وحديث النفس لا يقع به الطلاق، واليقين لا يزول بالشك؛ فإن وجودَ العصمة وبقاءَها ثابتٌ بيقين، فلا يرفع ذلك اليقين بمجرَّد الشك في حدوث التلفظ بالطلاق أو عدم حدوثه. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.