أنا حدثت نفسي وحلفت بالطلاق نتيجةَ وساوس ألا أُكلم زوجتي ولا أرسل لها رسالة لمدة شهر، فوصلت لمدة شهر ولم أُكلِّمها، ولكن كنت أرسل لها رسائل بطريقة ثانية ظنًّا مني أن الطريقة التي استخدمتها لا يقع بها الطلاق، ولو كنت أعلم بأن هذه الطريقة يقع بها الطلاق لكنت لم أرسل لها رسالة، ولو كانت ميتة.
السؤال الأول: مجرد شك بالتلفظ، وإن اليقين لا يزول بالشك، الحمد لله لا يقع به طلاقٌ.
السؤال الثاني: لو قدَّر الله وكان هناك تلفظٌ، وكانت عملية الإرسال جهلًا مني وغلبة ظني مني. فهل ينطبق عليه القاعدة التي تقول: من حلف بطلاق وعمل به جهلًا وخطأ لا يقع به الطلاق؟ وبارك الله فيك وفي علمك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الذي يترجح لدينا فيمن حنث جاهلًا أو ناسيًا هو الرواية الثانية عن أحمد رحمه الله، وهي عدم الوقوع، وصوب ذلك في «الإنصاف»(1)، وهو قول إسحاق، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله؛ لحديث: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْـخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه»(2)، وهو عام، ولم يأتِ ما يخصصه.
وما استُدلَّ به للناسي والمكره في غير الطلاق والعتاق يصلح دليلًا للناسي والمكره في الطلاق والعتاق. وهذا أقوم قيلًا وأظهر دليلًا، فلا يقع بذلك طلاق. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) جاء في «الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي» (11/ 36): «وإن نواها وجهلها: فلا شيء عليه. على الصحيح من المذهب. وجزم به في الوجيز، وغيره. وقدمه في المحرر، والنظم، والفروع، وغيرهم. وقيل: ينعقد بما فيها إذا نواها جاهلا لها. وأطلقهما في الرعايتين، والحاوي الصغير».
(2) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2801)، وابن حبان في «صحيحه» (16/ 202) حديث (7219)، والبيهقي في «الكبرى» (7/ 356) حديث (14871)، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه». وقال البيهقي: «جوَّد إسناده بِشر بن بكر وهو من الثقات».