أرجو التوضيح عن حكم الأدوية المحتوية على جيلاتين؟ نظرًا لما أصابني من حيرة بسبب موضوع الاستحالة، وكيف نجزم بحدوث استحالة من عدمه؟ وهل يمكن قياسها على الأمثلة المذكورة في كتب الفقه مثل سقوط كلب في المملحة وما شابه؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد ناقشت إحدى دورات المجمع هذه القضية فيما ناقشت تحت عنوان ما يحل ويحرم من الأغذية والأدوية خارج ديار الإسلام، وانتهت إلى هذه النتائج التي نسوقها لك بنصها ومنها يعلم الجواب:
• الاستحالة هي انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في حقيقتها وفي صفاتها، وهي من المطهرات، فتتحوَّل بها المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة، فيتغير حكمها من التحريم إلى التحليل؛ فإن الحكم تابع للاسم والوصف، ودائرٌ معه وجودًا وعدمًا، أما إذا تغيَّرت صفاتها وبقيت حقيقتها لم يتغير حكمها، كتغيير الجامد إلى سائل أو السائل إلى جامد؛ لأن التجميد والإسالة وإن غيَّر بعض الصفات فإنه لا يغيِّر الحقائق، وموضع الإشكال في هذه القضية في تطبيقاتها العملية وليس في تأصيلاتها الفقهية، فهي أقرب إلى عمل الخبراء منها إلى عمل الفقهاء.
• المواد الغذائية التي يدخل شحم الخنزير في تركيبها دون استحالة عينه مثل بعض الأجبان وبعض أنواع الزيت والدهن وبعض أنواع البسكويت والشكولاتة والآيس كريم، هي محرمة ولا يحل أكلها، اعتبارًا لإجماع أهل العلم على نجاسة الخنزير وعدم حل أكله، ولانتفاء الاضطرار إلى تناول هذه المواد.
• لا يجوز تقصُّد خلط الأغذية أو الأدوية بشيء من المسكرات؛ سواء أكان ذلك لإضفاء نكهة أو مذاق أو لغير ذلك من الأغراض، ولا حرج في تداول ما اشتمل على نسبة قليلة منها بيعًا وشراء وانتفاعًا إذا استهلكت فلم يظهر أثرها في لون الدواء أو الغذاء ولا طعمه ولا ريحه، ولا إسكار لمتناوله، لاستهلاكها في هذه الحالة وانغمارها في الطاهر المباح فتكون حينئذٍ في محل العفو، مع التأكيد على أنه لا يجوز للمسلم أن يصنع شيئًا من ذلك، ولا أن يضعه في طعام المسلمين ولا في دوائهم، ولا أن يساعد عليه بوجه من الوجوه.
• ولقد جاء في قرارات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية- وقد بحثت موضوع المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء بمشاركة الأزهر ومجمع الفقه الإسلامي بجدة والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالإسكندرية ووزارة الصحة بدولة الكويت- ما يلي:
الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها، تحوِّل المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة، وتحوِّل المواد المحرمة إلى مواد مباحة شرعًا.
وبناءً على ذلك:
• الجيلاتين المتكون من استحالة عظم الحيوان النجس وجلده وأوتاره: طاهر وأكله حلال.
• الصابون الذي يُنتج من استحالة شحم الخنزير أو الميتة يصير طاهرًا بتلك الاستحالة ويجوز استعماله.
• الجبن المنعقد بفعل إنفحة ميتة الحيوان المأكول اللحم طاهرٌ ويجوز تناوله.
• المراهم والكريمات ومواد التجميل التي يدخل في تركيبها شحم الخنزير لا يجوز استعمالها إلا إذا تحققت فيها استحالة الشحم وانقلاب عينه. أما إذا لم يتحقق ذلك فهي نجسة. والله تعالى أعلى وأعلم.
