أنا طبيب أسنان، تخرجت من مصر، والآن أعيش في نيويورك، وأحاول معادلة شهادتي الجامعية، ولكن الخطوة القادمة قد تتطلب مني الالتحاق بكلية هنا في أمريكا لمدة سنتين، مما تزيد تكلفته عن مائتي ألف دولار، ولا سبيل في ذلك إلا التمويل البنكي. فما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد ناقش مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا قضية القروض الطلابية، وانتهى فيها إلى قرارٍ أسوقه لك بنصه ومنه يُعلم الجواب:
الأصل هو تحريم القروض الربوية، سواء أكانت قروضًا للطلاب أم لغيرهم، لدخولها في الربا الجليِّ الذي أجمع أهل العلم سلفًا وخلفًا على تحريمه، وينبغي استفراغ الوسع في طلب البدائل المشروعة قبل القفز إلى التعلُّل بالضرورات والحاجات.
وفي عالم الجامعات في الغرب توجد منح دراسية للنابغين، ولغير القادرين، بالإضافة إلى فرص عمل جزئية تُمكِّن من الجمع بين الدراسة والعمل، وتقي من الوقوع في هذه القروض، كما قد توجد قروض حسنة تتكفَّل الدولة بدفع فوائدها إذا تمكَّن الطالب من سداد كل ما عليه خلال ستَّة أشهرٍ من تخرُّجِه، أو مِنَح من بعض الشركات والهيئات مقابل عقود للعمل معها بعد التخرُّج، فينبغي استفراغُ الوسع في ذلك كله.
إذا انعدمت كلُّ هذه البدائل، وتعيَّنت القروض الربوية سبيلًا وحيدًا لتيسير التعليم الجامعي دوامًا أو ابتداءً، أو سبيلًا لتأمين حاجة الجاليات المسلمة مما لا غنى عنه من الحِرَف والصناعات، عُدَّ ذلك ضرورةً ترفع إثم الربا وإن بقي حكم التحريم، شريطة أن يكون المضطر غير باغٍ ولا عاد؛ وذلك بأن تقدَّر الضرورة بقدرها، مع دوام الحرص على التماس البدائل المشروعة، والخروج من هذه القروض الربوية عند أول القدرة على ذلك تخفيفًا للفائدة الربوية ما أمكن.
ونؤكد على ضرورة الرجوع إلى أهل الفتوى في تقدير هذه الحاجات والضرورات، وأنه لا ينبغي لأحدٍ أن يعول على نفسه في ذلك، أو أن يقيس حاجاته على حاجات الآخرين. والله تعالى أعلى وأعلم.