هل يجوز للفتاة المسلمة أن تقضيَ الليل لدى زميلةٍ لها للمذاكرة أو للسمر، وقد يتردد عليهما بعض الذكور من أفراد الأسرة، أو يحضر بعض زملاء الدراسة ونحوه، إذا كان ذلك يتم في غير خلوة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا حرج في قضاء الليل لدى زميلة لغرض مشروع في غير ريبة، ولا يدخل هذا في حديث: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الله»(1)، أو ما رواه أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي عن أم سلمة رضي الله عنها بلفظ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا خَرَقَ اللهُ عَنْهَا سِتْرًا»(2). فإن مراده صلى الله عليه وسلم والله أعلم: منعها من التساهل في كشف ملابسها في غير بيت زوجها أو محارمها على وجهٍ ترى فيه عورتها، وتتهم فيه لقصد فعل الفاحشة ونحو ذلك، أما خلع ثيابها في محل آمن، كبيت أهلها ومحارمها لإبدالها بغيرها، أو للتنفس، ونحو ذلك من المقاصد المباحة البعيدة عن الفتنة، فلا حرج في ذلك.
ولكن يبقى النظر في أَمْر مخالطتها لشقيق صديقتها، والتبسط في التعامل والمخالطة، فهذا هو الذي يُعَدُّ من ذرائع الفساد، ومن خطوات الشيطان، وكم جر ذلك من الويلات والفجائع.
وقد سبق قرار المجمع في شأن الاختلاط بصورة مفصلة، فإن خلا هذا الموقف من الاختلاط المحرم على ما بيَّنه قرارُ المجمع كان على أصل الحل، وإلا استصحب المنع سدًّا للذريعة إلى الفتنة. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 173) حديث (25446)، وأبو داود في كتاب «الحمام» حديث (4010)، والترمذي في كتاب «الأدب» باب «ما جاء في دخول الحمام» حديث (2803)، وابن ماجه في كتاب «الأدب» باب «دخول الحمام» حديث (3750)، والحاكم في «مستدركه» (4/ 321) حديث (7780). وقال الترمذي: «حديث حسن»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (3442).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/301) حديث (26611)، والحاكم في «مستدركه» (4/321) حديث (7782)، والطبراني في «الكبير» (23/314) حديث (710)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (6/158) حديث (7774). وذكره الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (171)، و«صحيح الجامع» (2708).