أنا معلمة لغة عربية حديثة التخرج، وعرض عليَّ العمل بمدرسة مسيحية يديرها راهب. فهل أقبل بالعمل؟ علمًا بأنها تابعة للدولة، والتلاميذ من المسلمين والمسيحيين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن للمعلم رسالة يؤديها حيثما تيسرت له أسبابها، ولم يتعرض أثناء قيامه بها لفتنة في دينه، ولا شك أن بعض المواقع أولى من بعض، فوجودك في مدرسة عامة أو مدرسة إسلامية أولى بك من وجودك في هذه الأجواء التي قد تستوحشين فيها وتشعرك بالغربة، مع حداثة عهدك بالتخرج، وقلة تجربتك في الحياة العملية، ومن جهة أخرى لعل وجودك في هذه المدرسة يعصم الله به بعض تلاميذها مما قد يعرض لهم من شبهات تقلق إيمانهم وتفتنهم فيه، وأن ترسلي من خلاله رسالة عملية إلى جيراننا من غير المسلمين تجسد لهم حقيقة التعايش الذي ينبغي أن يسود بين أبناء الوطن الواحد، في إطار قاعدة ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون: 6]، وتردين من خلالها على من يدندنون على معزوفة الطائفية.
وعلى كل حال إن لم تتيسر لك مدرسة بديلة فلا حرج في التجربة، والتجربة خير برهان، بعد أن تُقدِّمي بين يدي ذلك بالاستخارة، وصدق الضراعة إلى الله أن يلهمك الرشد.
ونسأل الله لك العصمة من الفتن، وأن يحملك في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. والله تعالى أعلى وأعلم.