إخراج زكاة الفطر قبل موعدها في شهر رمضان
السؤال:
ما حكم إخراج زكاة الفطر قبل موعدها في شهر رمضان من أول يوم من العشر الأواخر أو قبل ذلك؟
فلقد علمنا من فتاوى السادة العلماء أن زكاةَ الفطر تُخرَج قبل العيد بيومٍ أو يومين.
فهل يجزئ إخراجها قبل موعدها أم لا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن وقت زكاة الفطر يبدأ من غروب شمس آخر يومٍ من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال،
وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبيَّ ﷺ أمر بإخراجها قبل الصلاة؛ ولما رواه ابنُ عباس:
أن النبيَّ ﷺ قال: «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»(1).
ويجوز إخراجها قبل ذلك بيومٍ أو يومين أو ثلاثة؛ لما رواه ابن عمر ب قال: فرض رسول الله ﷺ صدقةَ الفطر من رمضان.
وقال في آخره: وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين(2).
وأجاز الشافعية(3) تقديمَها منذ بداية الشهر؛ لأن سببَ الصدقة الصومُ والفطرُ عنه،
فإذا وُجد أحدُ السببين جاز تعجيلها، كالزكاة بعد مِلك النِّصاب.
وأجاز أبو حنيفة(4) تقديمَها من أول الحول، شأنها شأن زكاة المال.
وقيمة هذه الاختلافات أنها تفتح البابَ لتحقيق المصلحة عندما تلوح في واحدٍ منها،
من غير أن يتضمن ذلك خروجًا على إجماع أو خرقًا لمعلوم من الدين بالضرورة.
والذي يترجح لنا هو القول بجواز تقديمها على العيدين بيومين أو ثلاثة كما هو مَرْويٌّ عن ابن عمر،
وأنه إذا مسَّت حاجةٌ إلى تقديمها على ذلك، كضرورة نَقْلها إلى من هم أمسُّ حاجةً في مكان بعيدٍ من ذوي القربى أو في مناطق الحروب والكوارث ونحوه،
فلا بأس بالتقديم على ذلك، وتُقدَّر هذه الحاجة بقدرها، فيكون التقديم بالقدر الذي يغلب على الظنِّ معه وصولُها إلى مُستحِقِّها في يوم العيد أو قريب منه.
وأما تأخيرها عن يوم العيد فإنه مُحرَّم بالإجماع تمامًا كتأخير الصلاة عن وقتها؛ لأنه يفوت به المعنى المقصود،
وهو إغناء الفقراء عن السؤال في هذا اليوم، ولا يعني هذا سقوطَها عنه، بل لو أخَّرها بغيرٍ عذرٍ عصى وقضى؛
فقد اتفق أهلُ العلم على أن زكاة الفطر لا تسقط بالتأخير بعد الوجوب، بل تصير دَيْنًا في ذمة من لزمته، ولو في آخر العمر.
والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) «صدقة الفطر» حديث (1827) من حديث ابن عباس ب قال: «فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات»، وحسنه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» حديث (1609).
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «صدقة الفطر على الحر والمملوك» حديث (1511) من حديث 1511 .
(3) جاء في «الغرر البهية» (2/188-191): «( و ) المعجل من الزكاة ( لفطر القوم ) من رمضان ( يجزئ من أول شهر الصوم ) ولو عقب الغروب ؛ لأن وجوبها برمضان ، والفطر منه وقد وجد أحدهما».
(4) جاء في «المبسوط» (3/110-111): «ولم يذكر في الكتاب جواز التعجيل في صدقة الفطر إلا في بعض النسخ فإنه قال : لو أدى قبل يوم الفطر بيوم أو بيومين جاز والصحيح من المذهب عندنا أن تعجيله جائز لسنة ولسنتين ؛ لأن السبب متقرر ، وهو الرأس فهو نظير تعجيل الزكاة بعد كمال النصاب».
يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الصيام الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي.
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي