هل أخوات الزوج يدخلن في صلة الرحم بالنسبة للزوجة؟ وهل إذا قاطعتهن الزوجة وحدها دون زوجها ولم تتدخل في علاقته بأخواته بسبب الأذى البالغ المترتب منهن، هل تأثم ويكون عليها وزر قطيعة الرحم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد جاء في وثيقة مجمع فقهاء الشريعة للأحوال الشخصية في بيان الحقوق الزوجية المشتركة بين الزوجين:
المعاشرة بالمعروف، ورعاية مصالح الأسرة، والتشاور فيما يتعلق بها، وتجنب كل ما يجرح الكرامة، واحترام قرابة الطرف الآخر، وصلة الأرحام من الجانبين، وزيارتهم واستزارتهم بالمعروف.
فيلزمكما ما استطعتما صلة الأرحام من الجانبين؛ فإن عارض ذلك مفسدة راجحة قُدِّم دَفْعُ المفاسد على جلب المصالح، ولكن الصلة يا أمة الله لا تعني الخلطة بالضرورة؛ فقد تتحقَّق الصلة الواجبة بدون هذه الخلطة، فالصلة قد تعني في حدودها الدنيا إفشاء السلام والتواصل ولو بمكالمة هاتفية والقيام بواجب المواساة عند النوائب، والتهنئة في المسرات، ونحو ذلك، وبهذا تتحقق الصلة ونخرج من إثم الهجرة وقطيعة الرحم، وتنتفي المفاسد التي قد تترتَّب على الخلطة في بعض الأحوال.
فاستعيني بالله على ذلك، وإنه ليسير على من يسَّره الله عليه، ومن يتصبر يصبره الله(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «الاستعفاف عن المسألة» حديث (1469)، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل التعفف والصبر» حديث (1053)، من حديث أبي سعيد الخدري: أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله ﷺ فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده فقال: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».