كيف أتخلص من ورقة بها عمل- سحر- لأنني منذ فترة أتى إلى بيتنا شخص المفروض أنه شيخ، وقرأ بعض القرآن في البيت؛ لأنني دائمًا أخاف، وقام بعد الانتهاء بإعطائي ورقة بداخلها مربع به أرقام طولًا وعرضًا، وقال لي: احتفظي بهذه الورقة، وعندما سألت علمت أنه لا يوجد في الشرع مثل هذا الكلام.
فكيف أتخلص من هذه الورقة؟ وهل لو حرقتها يثبت السحر أم هذا الكلام غير صحيح؟ وكيف أتصرف التصرف الشرعي الذي لا يترتب عليه ضرر بالنسبة لي؟ وكيف أعرف أن هذا الشخص على حق أم لا؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلعل أمثل طريقة لإبطال مفعولها واتقاء شرها بإذن الله محوُ ما فيها من كلمات ورسوم في ماء قد قُرأَتْ عليه بعضُ الآيات التي جاءت في إبطال السحر، ثم تُدفن هذه الورقة بعد محو ما فيها، ويشرع لك أن تتحصني بالأدعية الشرعية، مثل: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»(1)، «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ»(2)، وقراءة سورة «الإخلاص» والمعوذتين.
وقد دفن النبي ﷺ السحر الذي عقده له اليهودي بعد استخراجه من البئر، فعن عائشة قالت: سحر رسول الله ﷺ يهودي من يهود بني زريق يقال له: لبيد بن الأعصم. قالت: حتى كان رسول الله ﷺ يُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله ﷺ، ثم دعا، ثم دعا. ثم قال: «يَا عَائِشَةُ، أَشَعُرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ جَاءَنِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلي، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلي أَوِ الَّذِي عِنْدَ رِجْلي لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ. قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. قَالَ: وَجُفِّ طَلْعَةٍ؟؟ ذَكَرٍ. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانً». قالت: فأتاها رسول الله ﷺ في أناس من أصحابه، ثم قال: «يَا عَائِشَةُ، وَالله لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قالت: فقلت: يا رسولَ الله، أفلا أحرقته؟ قال: «لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ»(3).
ومن أهل العلم من قال بحرقها بعد محوِ ما فيها، يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين: ومن التعاويذ والتعاليق والتمائم والحروز، فمتى وجدت فالسلامة منها غمسها في الماء مدة يوم أو نحوه ثم إحراقها. والله أعلم.
ويبدو لي أن الأمر في ذلك واسعٌ، وخير هذه الطرق هي التي تعامل بها النبي ﷺ مع السحر الذي عقد له، حيث استخرجه وأمر بدفنه صلى الله عليه سلم. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «في التَّعوُّذ من سوء القضاء ودَرَك الشقاء وغيره» حديث (2709) من حديث أبي هريرة.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب « الدعوات عن رسول الله ﷺ» حديث (3528) من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الترمذي: «حديث حسن».
(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «بدء الخلق» باب «صفة إبليس وجنوده» حديث (3268)، ومسلم في كتاب «السلام» باب «السحر» حديث (2189).