هل يجوز تخصيصُ غرفة من غرفات المسجد للنساء الحُيَّض حتى يتعلمن القرآن والسنة ويحضرن دروس العلم؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
ففي جواز لبث الحائض في المسجد لحاجة شرعية خلاف بين أهل العلم، وجمهورهم على المنع من ذلك، وخالفهم في ذلك آخرون، ولمجمع فقهاء الشريعة فيها قرار أسوقه إليك بنصه:
• يرخص للحائض في دخول المسجد والجلوس فيه لسماع المحاضرات وتلقي العلم، مع التحوُّط والتحفُّظ لطهارة المسجد، عملًا بروايةٍ في مذهب الإمام أحمد(1) :، وبه قال المزني صاحب الشافعي وداود(2) وابن حزم(3)، وينبغي توفير قاعة تكون ملحقة بالمساجد ومخصصة لأصحاب الأعذار الشرعية خروجًا من الخلاف.
لاحظ في عبارة القرار: وينبغي توفير قاعة تكون ملحقة بالمساجد ومخصصة لأصحاب الأعذار الشرعية خروجًا من الخلاف.
فإن كان وضع هذه الغرفة كذلك، أي أنها ملحقة بالمسجد وليست من أماكن الصلاة، كان هذا هو عين ما أراده القرار، وإن كانت من أماكن الصلاة فيجري فيها الخلاف السابق. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) جاء في «الإنصاف» (1/347-349): «قوله: (واللبث في المسجد). تمنع الحائض من اللبث في المسجد مطلقًا، على الصحيح من المذهب. وعليه جمهور الأصحاب. وقيل: لا تمنع إذا توضأت وأمنت التلويث، وهو ظاهر كلام المصنف في باب الغسل، حيث قال: «ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية. ويجوز له العبور في المسجد. ويحرم عليه اللبث فيه، إلا أن يتوضأ» فظاهره: دخول الحائض في هذه العبارة، لكن نقول: عموم ذلك اللفظ مخصوص بما هنا وأطلقهما في الرعايتين، والحاوي الصغير.
تنبيه:
ظاهر كلام المصنف أنها لا تمنع من المرور منه، وهو المذهب مطلقًا إذا أمنت التلويث. وقيل: تمنع من المرور. وحكى رواية. وأطلقهما في الرعاية. وقيل: لها العبور لتأخذ شيئًا، كماء وحصير ونحوها. لا لتترك فيه شيئًا، كنعش ونحوه. وقدم ابن تميم جواز دخول المسجد لها لحاجة. وأما إذا خافت تلويثه لم يجز لها العبور على الصحيح من المذهب، قال في الفروع: تمنع في الأشهر. وقيل: لا تمنع. ونص أحمد في رواية ابن إبراهيم : تمرُّ».
وجاء في «شرح منتهى الإرادات»: (1/110-112): «(و) يمنع أيضًا (اللبث بمسجد) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب » رواه أبو داود (ولو) كان (اللبث) بوضوء، مع أمن التلويث. فلا يصح اعتكافها و(لا) يمنع الحيض (المرور) بالمسجد (إن أمنت تلويثه نصًّا) فإن لم تأمنه منعت».
(2) جاء في «البيان» (1/250-251): «[اللبث في المسجد]: ولا يجوز للجنب اللبث في المسجد، ويجوز له العبور فيه. وبه قال ابن عباس، وابن مسعود. وقال مالك، وأبو حنيفة: (لا يجوز له اللبث فيه، ولا العبور، إلا أن يحتلم في المسجد فيعبر فيه ليخرج). وقال الثوري : يتيمم، ثم يخرج منه. وقال أحمد، وإسحاق : (إذا توضأ الجنب جاز له اللبث في المسجد). وقال المزني، وداود : (يجوز له اللبث فيه)».
(3) جاء في «المحلى» (1/400-402): «وجائز للحائض والنفساء أن يتزوجا وأن يدخلا المسجد وكذلك الجنب؛ لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك».