أنا عراقيٌّ لديَّ محلٌّ لبيعِ وتصليح أجهزة النقال، أملك في المحل أجهزةً تعدل 2400 دولار خاصة بي بحكم عملي، فبعض الأشخاص يجلبون إليَّ أجهزتَهم العاطلة لتصليحها أو يتركون أجهزةً لغرض بيعِها لهم.
السُّؤال: في أحد الأيَّام تعرَّضتُ إلى الاعتقال مِن قبل قوات الاحتلال الأمريكيَّة وقاموا بأخذي معهم، واعتُقلت لِـمُدَّة زمنية، كما قاموا بأخذ كافة الأجهزة العائدة إلي والعائدة للمواطنين، بعد أن خرجتُ من الاعتقال بدأ أصحاب تلك الأجهزة مطالبتهم لي إمَّا بإعادتها أو إعطائهم مبلغًا من المال يعادل ثمن أجهزتهم. فهل عليَّ إعادة ثمن الجهاز إلى صاحبه- علمًا بأن الأجهزةَ قد سُرقت من قبل قوات الاحتلال عند مداهمتي واعتقالي- أم أن هنالك صيغة شرعية أخرى؟ علمًا بأن ثمنَ تلك الأجهزة العائدة للمواطنين تعدل 3300 دولار. أفتونا مأجورين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ أن يدَ العامل يدُ أمانةٍ، فلا يَضْمَن إلا بالتفريط أو التعدِّي، فأنت تسأل عن هذه الأجهزة بقدر تفريطك في حِفظها أو تعدِّيك في استعمالها خارج الإطار الذي سُمح لك به، أمَّا إذا لم يَثبُت في حقِّك تفريطٌ أو عدوان فإن مصيبةَ هلاك هذه الأجهزة تقع على أربابها وليس عليك.
هذا، وفي المسألةِ اجتهادٌ قضى به الخلفاءُ الراشدون، وهو: تضمينُ الصُّنَّاعِ ما تحت أيديهم مما وُكلوا في العمل فيه، وقالوا: لا تصلح أحوالُ النَّاس إلا بذلك، حتى لا يدَّعي الصُّناع ضياعَ ما يقومون عليه مما استُودع عندهم من ممتلكات الآخرين.
ولكن لا يخفى أن هذا مشروطٌ بما إذا لم يكن الهلاكُ بقوةٍ قاهرة كإعصارٍ أصاب المنطقةَ أو فيضانٍ أو اجتياحٍ خارجيٍّ ونحوه مما لا يد لأحدٍ فيه ولا قدرة لأحد على دفعه.
فالذي يظهر أن مسئوليةَ ضياع هذه الممتلكات تقع على أربابها؛ إلا إذا ثبت أن ضياعَها كان بتفريطٍ منك، فهنا تقع المسئولية على عاتقك. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.