وفقكم الله تعالى لما يحب ويرضى على ما تقومون به من خدمة الإسلام والمسلمين، أما بعد:
إنه قد حاك في صدري مسألة أسهم الشركات، وكثيرًا ما تأتيني الاستفتاءات حولها وهل يجوز للمسلم أن يشتري تلك الأسهم؟ وما حكم ما يكسبه الإنسان من طريق شراء وبيع الأسهم؟ فأفتي السائلين بالتفصيل، بأنه إذا كانت الشركات تنتج المنتجات المحرمة شرعًا كالشركات المنتجة للخمور وغيرها، أو كانت تلك الشركات تتعامل بالمحرم شرعًا كالبنوك الربوية التي يقوم أساس كسبها على ما يرجع إليها من مدينها من الفوائد على الديون فهذا محرم، وما لا يشتمل على شيء من ذلك فليس بمحرم، اعتمادًا مني على أنه مثل المضاربة. ثم تبين لي أن بعض هذه الشركات تحدد أرباح الأسهم، وأن لكل سهم كذا من الربح بغض النظر عن أن الشركة ربحت أم خسرت، وتبين لي أيضًا أن تلك الأسهم يتم بيعها بالتأجيل أحيانًا، فترددت في الأمر ترددًا كبيرًا فأردت أن أستفتيكم لعلي أجد منكم بعون الله تعالى وتوفيقه ما يشفي ترددي ويذهب ما يحيك في صدري، وقد كنت استفتيتكم ووجدت منكم أجوبة شافية كافية.
أفيدونا أثابكم الله وشكر سعيكم إنه شكور حميد كريم جواد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أخي المبارك، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما ذكرته من قواعد صحيح في الجملة، وبقي أن تضيف إليه أن من شروط الربح في عقد المضاربة «الجزئية» و«الشيوع»، فلابد أن يكون الربح معلومًا وأن يكون على الشيوع بين العامل وصاحب المال، فلا يجوز أن يخصص لأحدهما مبلغ مقطوع أو نسبة محددة من رأس المال.
كما بقي أن نبين أن البيع على المكشوف في سوق الأوراق المالية لا يصحُّ ولا يمكن تخريجه على عقد السلم؛ لأن عقود السلم يشترط لصحتها تعجيل رأس المال، وهذا لا يحدث في هذه الأسواق؛ لأن الدفع لا يكون إلا عند التصفية النهائية، ولأنه لا يجوز بيع السلم فيه قبل قبضه، وفي هذه العقود تتم بيعات كثيرة على هذه الصفقات، وهي في مكانها لم تتحرك ولم تقبض، وعلى كل حال ما استوفى شروط الصحة من هذه العقود كان صحيحًا وما لم يستوفها لم يكن، وكل حالة بحسبها. والله تعالى أعلى وأعلم.