أنا مهندس مصري أعمل بالمملكة العربية السعودية بجهة حكومية، ودوامي من الساعة الثَّامنة صباحًا حتى الرَّابعة عصرًا، ويوجد بند في عقدي مع هذه الجهة ينصُّ على الآتي: أنني أتعهد بألا أرتبط بأيِّ وظيفة أو عمل خارج ساعات العمل.
والـمُشكِلة يا سيدي أنني عندي من الطاقة والمقدرة بإذن الله على أن أعمل بعد الساعة الرَّابعة، وتتواجد حاليًّا أمامي فرصة جيدة جدًّا وراتبها حلال بإذن الله وفي مجال تخصُّصي، وسوف تظهر قدراتي وإبداعاتي وسأفيد بها غيري بإذن الله.
وأنا في حاجة شديدة لهذه الفرصة، علمًا بأن لي أختًا في سِنِّ الزَّواج أسعى لتجهيزها كما أنني أُجهِّز نفسي لأتزوَّج وأعف نفسي بإذن الله، خصوصًا وأنا في غربةٍ عن بلدي ووحدة، ولي والد مُسِنٌّ مريض وأنا وإخواني نساعده ونقف معه.
وسؤالي يا شيخنا: هل لو قمتُ بهذا العمل الأضافيِّ بعد أوقات الدوام الرسمي أو في الإجازات أو في الاثنين معًا أُصبح خائنًا أو مذنبًا؟ علمًا بأن هذا العمل متقطعٌ وليس عملًا مستمرًّا دائمًا أي حسب الرزق، كما أنني سأبذل قصارى جهدي حتى لا أقصر في عملي الأساسيِّ ولو تطلَّب الأمرُ أن أداومَ ساعاتٍ أكثرَ من ساعات العمل الرسمية.
كما أنني آمل من فضيلتكم سرعة إجابتي؛ لأنها فرصة بالنسبة إليَّ ولن تُعوَّض، ويوجد غيري مستعد لاستغلالها، كما أنني لا أُريد أن أقوم بشيءٍ يُغضب الله ولا أكسب مالًا من طريق حرام أو به شبهة. وجزاكم اللهُ خيرًا عنا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد تعبَّدك الله بالوفاء بالعقود، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا(1)، وليس في هذا الشَّرْط إلا تقييد بعض المباحات؛ فقد تنازلتَ بموجَبه عن حقِّك في العمل خارج ساعات الدَّوام، فإما إن تتحلَّل من هذا القيد من صاحب العمل، أو أن تستقيل من عنده وأرض الله واسعة.ونسأل اللهَ أن يجعلَ لك فرجًا ومخرجًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الأحكام» باب «ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح» حديث (1352) من حديث عمرو بن عوف بن زيد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْـمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْـمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» حديث (1352).