أقوم بزيادة كميات الفسيخ والرنجة في محلات السوبر ماركت الخاصة بي في المواسم، خاصةً شمَّ النسيم، وأكتب: (مهرجان شم النسيم) كنوع من الدعاية، وهي تجارة ومكسب؛ لأن في مثل هذا اليوم يزداد الإقبال، فما الحكم؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأعياد من جملة المناسك، وقد قال ربك جل وعلا: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ [الحج: 67]. وقـال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا»(1)، واستحداثُ أيِّ عيد خـلا هـذين العيدين استحداث لشريعة لم يأذن بها الله، والاحتفال بشم النسيم عادة فرعونية قديمة، انتقلت منهم إلى بني إسرائيل ثم إلى النصارى، ولهم في الاحتفال بذلك طقوس وعادات معينة، منها ما ذكرتَ مِن أكْلِ الفسيخ، ومنها تلوين البيض ونحوه، ونحن- مع حفظنا لذمـة من يعيشون منهم في بلاد المسلمين وحِرصنا على البر والقِسط في التعامل معهم، وعدم إقرار أحد على البغي عليهم(2)- فإننا لا نشاركهم في شيء مما يتدينون به، ولا نعين على شيء من ذلك؛ لا بترويج أطعمة ولا غيرها مما هو من خصوصية هذه الشعائر وتلك الأعياد، فلكم دينكم ولي دين.
وأكْلُ السمك المملَّح في هذا اليوم أو في غيره مشروع، والخروج إلى الحدائق العامة بصفة عامة واستنشاق هوائها والاستمتاع بأزاهيرها لا شيء فيه، ما التُزِمت فيـه العفة والآداب الإسلامية، ولكـن تخصيص يوم بذلك وجعله من جملة الأعياد والمناسبات الدورية لا يحلُّ، فالمحلات التي تبيع الأسماك طوال العام لا حرج لها أن تبيع هـذه الأسماك المملَّحة في هذا اليوم أو في غيره، ولا حرج في أن تبيعها لهؤلاء أو لغيرهم، أمَّا استجلاب ذلك خصيصًا في هذا اليوم وترويجه في جملة ما يُروَّج لهذه المناسبة؛ فإنه لا يشرع. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «صلاة العيدين» باب «الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد» حديث (892)، من حديث عائشة.

(2) قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].