الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بداية أشكر القائمين على هذا العمل المبارك المتميز، على جهودهم في تقديم الفتوى لأسئلة المستفتين من غير ملل ولا منة. وأسأل الله العلي القدير أن يوفقهم ويجزل ثوابه لهم، آمين. لدي سؤال سُئلت عنه من قِبَل بعض أهل بلدي الذين يعيشون تحت الاحتلال الصيني الشيوعي، وإن كان حكم مثل هذه الأسئلة منتشرًا في طيات كتب التراث الشرعي إلا أنني لم أتسرع في الإجابة عنه، لعدم توفر علم كاف عندي، ولذلك أستشيركم فيه، ولعل فقهاء هذا العصر لهم ترجيحات أو اختيارات تتناسب مع عصرنا الحديث.
السؤال هو أن الناس يتبايعون البستان أو يؤجرونه لسنة أو سنوات عديدة، وعادة لا يهمهم ما تخرجه الأرض من الزروع، وكل همهم الأشجار المثمرة فيعقدون البيع على حسب عددها، ويتم هذا البيع على مدار السنة كلها، من غير تفرقة وقت الزهور أو وقت بدو صلاحها أو وقت النضج، بل حتى بعض الأحيان في فصل الشتاء. علمًا بأن الفصول الأربعة عندنا ظاهرة المعالم، ففي الصيف كل الأماكن مخضرة وفي الشتاء كل النباتات وحتى الأشجار تتجمد وتتساقط أوراقها من البرد. فهل هذا البيع صحيح؟ وهل يتعارض هذا البيع مع ما روي عن النبي أنه نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها(1)؟ أو أن للفقهاء فهمًا آخر للحديث أو دليلًا آخر يجيزون به مثل هذا النوع من البيوع؟ أو أن هذا البيع حرام؟ أرجو منكم ذكر الأدلة بقدر الإمكان سواء كان الجواب بالجواز أو المنع. علما بأن كل الناس عندنا يبيعون ويشترون البستان على المنوال السابق من غير نكير.
أرجو منكم ذكر الأدلة بقدر الإمكان سواء كان الجواب بالجواز أو المنع. أفيدونا أفادكم الله تعالى وزاد علمكم وثبتكم على الحق وجزاكم خير الجزاء في الدارين. آمين.
__________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «البيوع» باب «بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها» حديث (2194)، ومسلم في كتاب «البيوع» باب «النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها» حديث (1534) من حديث ابن عمر .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الأصل هو المنع من بيع الثمار قبل بدو صلاحها للنصوص الواردة في ذلك، ولا تخفى على مثلك باعتبارك طالب علم كما يبدو من سؤالك، نسأل الله لك التوفيق والسداد.
ومثل ذلك الإيجار ما دامت هذه الثمار هي المقصودة من العقد، وعدم النكير لا يسوغ هذه المخالفة فكم من منكرات شاعت في أوساط المسلمين بل داخل ديار الإسلام ولم تجد من ينكرها. والله المستعان. والله تعالى أعلى وأعلم.