حكم توفير الزوجة من المصروف الذي يعطيه الزوج لها ودون علمه بالتوفير وذلك للأسباب:
1- لشراء ملابس لها وللأبناء التي قد يرفض الأب شراءها.
2- لعمل أطفال أنابيب، حيث أصيب الأب بعقم بعد أول طفلين، وهو موافق على العملية لكن لا يريد الدفع.
3- لدفع بدل إفطاري برمضان؛ لأني ممنوعة من الصيام لظروف صحية ملحة، وهو يماطل جدًّا جدًّا بالدفع، فما حكم كل ما سبق؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن للزوجة على زوجها ما يكفيها ويكفي بنيها بالمعروف، فإن بذل لها ذلك فقد قُضي الأمر، وإن شحَّت نفسه به جاز لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي بنيها ولو بغير علمه؛ لحديث عائشة ل قالت: دخلَتْ هند بنت عتبة امرأةُ أبي سفيان على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله، إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، لا يُعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ، إلا ما أخذتُه من ماله بغير علمه، فهل عليَّ في ذلك من جُناح؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْـمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ»(1).
فإن كان زوجك قد مكَّنك من مبلغ النفقة بحيث تتصرفين فيه كما تشائين، وما فضل منه فأنت صاحبة الحق في توجيهه إلى حيث تشائين، في حدود المصالح المشتركة لبيت الزوجية؛ فقد أصبح الأمر في ذلك واسعًا.
أما إذا كنت مجرد موكَّلة في توجيه النفقة في هذه المصارف، وهو صاحب الحق فيما فضل منها، فإن الأمر يحتاج إلى مزيد روِيَّة وتحوُّط.
وما ذكرت من شراء الملابس إذا كان بالمعروف وفي حدود الحاجة فلا بأس به، ومثل ذلك ما ذكرت من قضية دفع مصروفات طفل الأنابيب ما دام الزوج مقرًّا بالأمر من حيث المبدأ، ولكن تشح نفسه به، فيكون توفيرك من مصروف البيت من جنس إعانته على ما قبل به وباركه من حيث المبدأ، وترجع منفعته إلى كليكما، وقد يسعد عندما يعرف بتوفيرك المصروفات اللازمة لإجراء هذه العملية مما قدمه لك من المصروفات المنزلية.
أما ما ذكرت من فدية الفطر بسبب الظروف الصحية فإنه يُنظر؛ إن كان مرضك مما يُرجى بُرؤه فالواجب عليك أن تنتظري حتى يمنَّ الله عليك بالشفاء وتتمكني من القضاء فتقضي عدة من أيام أخر؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].
وأما إذا كان مرضك مما لا يرجى برؤه فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم، ومقدار الإطعام مد من طعام، وهذه الكفارة تجب على الزوجة في مالها إن كان لها مال، ولا يلزم زوجها إخراجها عنها، اللهم إلا إذا طابت نفسُه بذلك فيكون من قبيل حسن العشرة وليس من قبيل الواجبات المحتومة، فإن لم يكن لها من المال ما تخرج به الفدية، فإن الفدية تستقر في ذمتها عند كثير من أهل العلم، فمتى وجدت ما تفدي به فدت، وليس عليها إثم في تأخير الفدية؛ لأنها عاجزة عن إخراجها، وقد قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].
قال البهوتي في «كشاف القناع»: «ولا يسقط الإطعام عن العاجز عن الصوم لكبر أو مرض يُرجَى برؤه (بالعجز) عنه كفدية الحج، فمتى قدر عليه أطعم»(2). انتهى.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الفدية تسقط في هذه الحال؛ لأنها فدية وجبت بغير جناية من العبد فسقطت بإعساره، وهو ما رجحه النووي: في «المجموع»(3)، والأول أحوط وأبرأ للذمة. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) سبق تخريجه بالمعروف» حديث (5364).
(2) «كشاف القناع» (2/310).
(3) «المجموع» (6/259).