هل يجوز عدم حلق رأس المولود إذا كانت أنثى مع إخراج مال على وزنه تقريبًا؟ وهل المال بقيمة الذهب أم الفضة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حلق شعر المولود الأنثى، فذهب المالكية(1) والشافعية(2) إلى أنه لا فرق بين الذكر والأنثى؛ لما جاء عن محمد بن على بن الحسين: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وَزَنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتصدقت بزنة ذلك فضة. والحديث رواه أبو داود والبيهقي(3).
ولكن الحديث مرسل، والمرسل من أقسام الضعيف.
ولأن هذا حلقٌ فيه مصلحة، من حيث التصدُّق، ومن حيث حُسن الشعر بعده، وعلة الكراهة من تشويه الخلق غير موجودة.
وأما الحنابلة(4) فيرون عدمَ حلق شعر المولود الأنثى؛ لحديث سَمُرة بن جُنْدُب مرفوعًا: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَة بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ»(5). فالحلق مخصوص بالغلام الذكر.
وقد سئل الشيخ ابن باز : عن ذلك فقال: «الأنثى لا يُحلق رأسها، لكن إذا كان من باب الطبِّ والمرض لا بأس، وإلا لا يحلق رأسُها، حتى في الحج والعمرة يقصر منه؛ لأن الرأس للمرأة جمال، أما إذا كان لعلَّةِ مرض رآه الأطباء، كأن رآه الطبيب المختص أو الطبيبة المختصة أن الحلق هو العلاج لا بأس».
وعلى هذا فلا حرج في عدم حلق شعر الأنثى وفقًا لما ذهب إليه الحنابلة ورجحه فقهاؤهم المعاصرون، ولا يلزم التصدق بزنة شعرها؛ لما يخفى من الارتباط بين الحلق والصدقة. والأمر في ذلك واسع. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) جاء في «شرح مختصر خليل للخرشي» (3/48): «( ص ) والتصدق بزنة شعره ( ش ) المشهور أنه يستحب أن يتصدق بوزن شعر المولود ذهبًا أو فضةً عق عنه أو لا ويستحب أن يكون ذلك في سابع الولادة قبل العق عنه سواءٌ كان المولود ذكرًا أو أنثى».
(2) جاء في «تحفة المحتاج» (9/374-375): « و ) أن ( يحلق رأسه ) كله ولو أنثى فيه للخبر الصحيح به وفيه منافع طيبةٌ له».
(3) أخرجه أبو داود في «المراسيل» (1/279) حديث (380)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (7/240) حديث (5697).
(4) جاء في «كشاف القناع» (3/29): «(ويحلق رأس ذكر لا) رأس (أنثى يوم سابعه، ويتصدق بوزنه ورقا».
(5) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/17) حديث (20201)، وأبو داود في كتاب «الضحايا» باب «في العقيقة» حديث (2837)، والترمذي في كتاب «الأضاحي» باب «العقيقة بشاة» حديث (1522)، والنسائي في كتاب «العقيقة» باب «متى يعق» حديث (4220)، وابن ماجه في كتاب «الذبائح» باب «العقيقة» حديث (3165). وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ يستحبون أن يذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع، فإن لم يتهيأ يوم السابع فيوم الرابع عشر، فإن لم يتهيأ عق عنه يوم حاد وعشرين وقالوا: لا يجزئ في العقيقة من الشاة إلا ما يجزئ في الأضحية»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» حديث (4184).