هل يجوز أن أجمع بين العقيقة والأضحية في ذبيحة واحدة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذه المسألة موضع نظر بين أهل العلم، فالمالكية(1) والشافعية(2) على عدم الإجزاء؛ لأن كلًّا منهما مقصود لذاته، فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى؛ ولأن لكل واحدة منهما سببًا مختلفًا عن الآخر، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى، كدم التمتع ودم الفدية، وخالف في ذلك الأحناف(3) فقالوا بالإجزاء، وهو رواية عن الإمام أحمد : وبعض السلف، ووجهوا ذلك بأن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح، فدخلت إحداهما في الأخرى، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد.
قال البهوتي : في «كشاف القناع»: «ولو اجتمع عقيقةٌ وأضحيةٌ، ونوى الذبيحة عنهما، أي: عن العقيقة والأضحية، أجزأت عنهما نصًّا. أي: نص عليه الإمام أحمد»(4).
وقد اختار هذا القول الشيخُ محمد بن إبراهيم المفتي الأسبق لبلاد الحرمين : فقال: لو اجتمع أضحية وعقيقة كفى واحدة، فيذبح هذه أضحية وتدخل فيها العقيقة.
والذي يظهر أن هذا هو الأظهر والأرجح. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) جاء في «مواهب الجليل» (3/258): «فإن ذبح أضحيته للأضحية والعقيقة أو أطعمها وليمة ، فقال في الذخيرة : قال صاحب القبس : قال شيخنا أبو بكر الفهري إذا ذبح أضحيته للأضحية والعقيقة لا يجزيه ، وإن أطعمها وليمة أجزأه ، والفرق أن المقصود في الأولين إراقة الدم وإراقته لا تجزئ عن إراقتين ، والمقصود من الوليمة الإطعام ، وهو غير مناف للإراقة ، فأمكن الجمع انتهى».
(2) جاء في «تحفة المحتاج» (9/369-371): «وظاهر كلام المتن والأصحاب أنه لو نوى بشاةٍ الأضحية والعقيقة لم تحصل واحدةٌ منهما وهو ظاهرٌ ؛ لأن كلا منهما سنةٌ مقصودةٌ ولأن القصد بالأضحية الضيافة العامة ومن العقيقة الضيافة الخاصة ولأنهما يختلفان في مسائل».
(3) جاء في «تبيين الحقائق» (6/7-8): «فرعٌ : في البدائع ، ولو أرادوا القربة بالأضحية أو غيرها من القرب أجزأهم سواءٌ كانت القربة واجبةً أو تطوعًا أو وجب على البعض دون البعض وسواءٌ اتفقت جهات القربة أو اختلفت بأن أراد أحدهم الأضحية وبعضهم جزاء الصيد وبعضهم هدي الإحصار وبعضهم هدي التطوع وبعضهم دم المتعة والقران ، وهذا قول أصحابنا الثلاثة».
(4) «كشاف القناع» (3/29-30).