أعمل موظفًا بإحدى المحاكم بالقلم المدني، ثم تم نقلي إلى القلم الجنائي للعمل كسكرتير جلسة، ولا أستطيع رفض هذا النقل أو عدم تنفيذه لأسباب إدارية في تنظيم العمل، فهل يجوز العمل بهذه الوظيفة؟ مع العلم أن الجلسة التي أعمل بها تنظر قضايا تتعلق بالحدود، كالسرقة والقذف والزنى، وإن لم تتوافر في أغلبها شروط إقامة الحد، وأيضًا تنظر قضايا أخرى كالضرب والتعدي وغيرها، وأنا أقوم بتجهيز الملفات وإعدادها وكتابة الأحكام التي يحكم بها القاضي، فهل يجوز العمل بهذه الوظيفة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الأصل هو تجنب كل ما يمثل إعانة على معصية، ولا يخفى أن الحكم بغير ما أنزل الله من الكبائر، بل هو من أكبرها، بل هو في بعض صوره من جنس الكفر البواح: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: 44].
لكن لعموم البلوى بالحكم بغير ما أنزل الله في أغلب المجتمعات الإسلامية، وحاجة الناس إلى التحاكم إلى هذا القضاء الوضعي، نظرًا لانعدام البديل الشرعي أقول: إن عموم البلوى بهذه الحاجة يجعل العمل في هذه المواقع رخصة لمن حسنت نيته وظل على وفائه لشريعة ربه، وإنكاره لما يعارضها من النظم الوضعية، واستصحب في وجوده في هذه المواقع أن يكون وكيلًا عن المظلوم في تخفيف المظالم التي تقع عليه، وليس وكيلا عن الظالم في إعانته على ظلمه، فأرجو أن يسعه مع هذه النية الصالحة عفو الله عز وجل، لاسيما مع تخلف شروط إقامة الحدود كما ذكرت في أغلب ما يعرض من منازعات، الأمر الذي يجعلها ترجع في النهاية إلى التعزير.
ثم إن تسنى له مفارقة هذا الموقع إلى موقع آخر يكون فيه أرضى لربه وأتقى له فليبغ بذلك بدلًا؛ إذ لا شيء يعدل السلامة. والله تعالى أعلى وأعلم.
العمل في القلم الجنائي بالقوانين الوضعية
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 18 القضاء