أتاجر بمالي عن طريق صديق لي في البورصة الأمريكية، وأنا وصديقي مقيمان بمصر، حيث يشتري ويبيع أسهمًا لشركات أمريكية عن طريق برنامج كمبيوتر بواسطة النت، حيث إن هذا البرنامج يمكننا من إجراء عملية البيع والشراء عشرات المرات يوميًّا، كما أنه يمكننا من أن يبيت المال يوميًّا على صورته النقدية وليس أسهمًا، وهذا البرنامج غير مسموح بالتعامل به إلا في البورصة الأمريكية، لكن في البورصة العربية غير مسموح.
وأخبرني صديقي منذ البداية أنه تحرى الحلال في كل شيء، وقد عرفته منذ 15 عامًا ما سمعته كذب قط، ولكن بعد سبعة أشهر فاجأني بأن كل الشركات التي نشتري أسهمها تصنع وتتاجر في المباح ولكنها تضع أموالها في البنك، وقد طلب الفتوى من مواقع إسلامية- لا داعي لذكرها الآن مع احترامي وتقديري لاجتهاد المتخصصين- فأفتوه بأن يخرج من الربح نسبة الفائدة وقد فعل ذلك منذ اليوم الأول للعمل، مع العلم بأن نسبة الفوائد الربوية أقل من 5% من الربح الأصلي للشركات.
فماذا نفعل الآن، نستثمر أم نتوقف؟ مع وجود الآراء الكثيرة بالإباحة والحرمة؟ البرنامج فرصة عظيمة، والأموال الموضوعة بالملايين، لكن نخشى لا قدر الله أن يطولها الحرام فتصبح ملاليم. نفع الله بكم الأمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
ابتداء إذا تيسر لك أن تستثمر أموالك في مؤسسات تتحرى الحلال داخل ديار الإسلام فذلك أولى لك فإنه أطهر لمالك وأرضى لربك، فلا تبغ بذلك بدلًا ولا تبغ عن ذلك حولًا.
أما إن كانت الأخرى فاعلم أنه ثمة مدرستين للفتوى في هذا المجال:
إحداهما: ترى أن الاستثمار في الشركات المختلطة التي تودع أموالها إيداعات ربوية غير مشروع وإن كان نشاطها الأصلي مشروعًا، وعلى هذا قرارات المجامع الفقهية المعاصرة في كل من رابطة العالم الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
والأخرى: ترخص في ذلك إذا لم تزد نسبة الدخل من هذه الفوائد عن 5% على النحو الوارد في السؤال، على أن يتخلص من دخله مما يقابل هذه النسبة المحرمة بتوجيهه إلى المصارف العامة، وبهذا الرأي الأخير نفتي تيسيرًا على الأمة وتخفيفًا على المستثمرين إلى أن يتيسر البديل الإسلامي الذي يستوعب أموال المستثمرين من المسلمين. والله تعالى أعلى وأعلم.