تناقشتُ مع أحد الإخوان حول رؤية هلال شوال هذا العام، وكان رأيه أنَّ الأول من شوال كان يوم الأربعاء (الأول من أكتوبر) واستند في ذلك على الحديث أدناه؛ نظرًا لعدم ثبوت الرؤية في أمريكا الشمالية. فما رأيكم بهذا الرأي؟ جزاكم الله عنا خيرًا.
والحديث هو: أن أمَّ الفضل ابنة الحارث بعثته- يعني كريبًا- إلى معاوية بالشام قال: فقَدِمتُ الشام فقضيت حاجتَها فاستهلَّ رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدِمتُ المدينةَ في آخر الشهر فسألني ابنُ عباس ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتُم الهلالَ؟ قلتُ: رأيتُه ليلة الجمعة. قال: أنت رأيتَه؟ قلتُ: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاويةُ. قال: لكنَّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومُه حتى نُكمِل الثلاثين أو نراه، فقلتُ: أفلا تكتفي برؤية معاويةَ وصيامِه؟ قال: لا هكذا أمَرَنا رسولُ الله . الراوي: عبد الله بن عباس. المحدث: أبو داود. المصدر: سنن أبي داود. الصفحة أو الرقم: (2332). خلاصة الدرجة: سكت عنه. وقد قال في رسالته لأهل مكَّة: كل ما سكتُّ عنه، فهو صالح.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
اعتبار اختلاف المطالع من القضايا الاجتهادية، ولمن قال به- وهم الشافعية(1) ومن وافقهم- حظ من النظر، ومن أدلتهم على ذلك هذا الحديث، والمختار الذي عليه الفتوى عندنا هو القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع، وأنه إذا رئي الهلال في بلد فقد لزم الصومُ بقية البلاد التي تتفق مع بلد الرؤيا في جزء من الليل، مع ملاحظة أن المسلم يصومُ مع الجماعة ويُفطِر معها، فإذا كان الناس في مَحَلَّته يعتبرون اختلاف المطالع فخيرٌ له أن يصوم معهم وأن يفطر معهم، لقوله صلى الله عليه وسلم : «صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ»(2)، والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) جاء في «الغرر البهية» من كتب الشافعية (2/204-207): «وهذا ما صححه الرافعي وتبعه النووي في شرح مسلم وصحح في بقية كتبه اعتبار اختلاف المطالع».
وجاء في «تحفة المحتاج» من كتب الشافعية (3/380-383): «(وقيل باختلاف المطالع قلت هذا أصح والله أعلم)؛ لأن الهلال لا تعلق له بمسافة القصر ولأن المناظر تختلف باختلاف المطالع والعروض فكان اعتبارهم أولى».
(2) أخرجه الترمذي (697). وقال: حسن غريب. والنووي في المجموع (6/283): إسناده حسن.