أقرضتُ شخصًا مالًا من دون رِبًا، وقد مرَّت عليه أعوامٌ وأرى أنه سوف لا يُرجعه، فهل أحتسبه من زكاة مالي؟ علمًا بأني أعلم أنه لا يملك سوى قُوتَ يومه، وقد حدث نفسُ الشيء مع شريك لي في تجارةٍ وبعد أن خرج من الشراكة معي لم يستطع سداد الدين الـمُستحقِّ وهو مُعسِرٌ أيضًا.
هل يجوز حسابُ هذه الأموال كزكاة مال، أم ترون أنه لابد من مطالبتي لهم حتى سدادها؟ ولكم وافر الاحترام.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن جمهورَ أهل العلم(1) على أنه لا يجوز إسقاطُ الدَّيْن عن الـمَدِين الـمُعسِر واعتبارُ ذلك من أموال الزكاة؛ لأن الـمُزَكِّي في هذه الحالة يَرْجع إليه نفعُ هذه الصَّدَقة؛ لأنه يكون قد أحيا مالَه الميت بها، فخيرٌ لك أن تستمرَّ في مطالبتهم بها من غير تضييقٍ، وألا تحتسبها من أموال زكاتك. زادك اللهُ حِرْصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (6/191-197): «إذا كان لرجل على مُعسر دين فأراد أن يجعله عن زكاته وقال له: جعلته عن زكاتي؟ فوجهان حكاهما صاحب «البيان»، أصحهما: لا يجزئه، وبه قطع الصيمري، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد؛ لأن الزكاة في ذمته فلا يبرأ إلا بإقباضها. والثاني: يجزئه، وهو مذهب الحسن البصري وعطاء».
وجاء في «الفتاوى الكبرى» من كتب الحنابلة (5/373-374): «وأما إسقاط الدين عن المعسر فلا يجزئ عن زكاة العين بلا نزاع».