ما حكم غِيبة الفاسق والكافر في غير فِسقهم وكفرهم؟ وما حكم السخرية في حق الكافر والفاسق في غير فسقهم وكفرهم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن غير المسلم إذا كان ذمِّيًّا حَرُمت غِيبته؛ لأنه بعقد الذمة صار لهم ما لنا وعليهم ما علينا، فلا يحل إيذاؤهم كما لا يحل إيذاء المسلم، وقد جاء في «حاشية ابن عابدين»: «وتحرم غِيبته كالمسلم؛ لأنه بعقد الذمة وجب له ما لنا، فإذا حرمت غِيبة المسلم حَرُمت غِيبته، بل قالوا: إن ظلم الذمي أشدُّ»(1).
وإن كان غيرَ ذميٍّ فلا ينبغي تزجية الأوقات فيما لا يفيد، ولا تعويد اللسان على الطعن والفحش في القول وفي الحديث: «لَيْسَ الْـمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ»(2).
وقد سُئل الغزاليُّ رحمه الله تعالى عن غِيبة الكافر فقال: «هي في حقِّ المسلم محذورة لثلاثةِ علل: الإيذاء، وتنقيص ما خلقه الله تعالى، وتضييع الوقت بما لا يعني، والأولى تقتضي التحريم، والثانية الكراهة، والثالثة خلاف الأولى. وأما الذمي فكالمسلم فيما يرجع إلى المنع من الإيذاء؛ لأن الشرع عصم دمه وعِرضه وماله. وأما الحربي فليس بمُحرَّم على الأولى، ويُكره على الثانية والثالثة. وأما المبتدع فإن كفر فكالحربي، وإلا فكالمسلم»(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) «حاشية ابن عابدين» (4/ 171).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 404) حديث (3839)، والترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في اللعنة» حديث (1977)، والحاكم في «مستدركه» (1/ 57) حديث (29)، وابن حبان في «صحيحه» (1/ 421) حديث (192). وقال الترمذي: «حديث حسن»، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بهؤلاء الرواة عن آخرهم ثم لم يخرجاه».
(3) انظر «إعانة الطالبين» (4/284).