شيخي الفاضل، أريد أن أعرف نظرة الشرع في هذه الحالة:
زوجان مسلمان لم يوفقا للإنجاب، يريدان أن يقوما بتبني جنين في بطن امرأة حامل عند ولادته.
المشكلة أن هذا الجنين هو نتيجة زنًى بين شاب وشابة كنديين غير مسلمين، يبرمجان لإسقاط الجنين لعدم رغبتهما في تربية الأولاد، ونية الزوجين المسلمين أن ينقذا هذه النفس ويربيانها تربية إسلامية. كيف ينظر الإسلام إلى هذا القرار؟ أفيدونا أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا حرج في هذا العمل إذا قصد به تبني الكفالة والرعاية كما يكفل الطفل اليتيم، وليس تبني النسب؛ لأنه لا يجوز أن يُدعَى الطفل لغير أبويه(1)، فإذا لم يعرف أبوه فأخوة الدين، كما قال تعالى:﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}﴾ [الأحزاب: 4، 5]
وعلى هذا فإذا حَسُنت النية في هذا العمل ولم يُنسب الطفل إلى من يتبناه فهو عمل جليل يتضمن إحياء نفس وكفالة يتيم، وقد قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32] وقال ﷺ: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ» وأشار إلى السبابة والوسطى وفرَّج بينهما قليلًا(2). والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الفرائض» باب «من ادعى إلى غير أبيه» حديث (6767)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان حال من رغب عن أبيه وهو يعلم» حديث (63)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْـجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ».
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «فضل من يعول يتيمًا» حديث (6005) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه .