إلى فضيلة الشيخ صلاح الصاوي، أريد إجابة من فضيلتك فقط، أستحلفكم بالله العظيم.
طوال عمري وأنا أتعذب، لا أعلم إذا كنت شابًّا أم فتاة، الآن عمري أكثر من خمسة وعشرين عامًا وما زلت أعاني بشدة من وضعي، لم أشعر يومًا أنني رجل أو أنتمي لعالم الرجال، منذ كنت طفلًا صغيرًا وأنا أشعر بداخلي أنني بنت، وعندما كبرت بدأت أنجذب للرجال وحتى يومنا هذا، أشعر أنني بجسد يُخالف عقلي، فعقلي عقل أنثى ولا أشتهي النساء أبدًا أبدًا.
قال لي بعض الشيوخ: علي أن أغير عقلي. بالله عليك يا فضيلة الشيخ، كيف يمكن للإنسان أن يغير عقله؟ وهل ذلك يحدث بضغطة زر وبهذه السهولة؟ وهل ممكن أن تقول لشاب سويٍّ: لا تحب النساء؟
لم أُغضب الله أبدًا، وأنا لست شاذًّا جنسيًّا، ولم أمارس الشذوذ؛ لأنني أخاف الله تعالى، لكنني أحب الرجال وأنجذب إليهم بقوة جامحة، وهذا يعذبني، دائمًا أتمنى- أستغفر الله العظيم- لو خلق الله لي جسد أنثى كما هو عقلي أنثوي لكي أستطيع أن أمارس حياتي بشكل طبيعي.
أقسم بالله أني لم أختر هذا الوضع، وأنا غير قادر على أن أعيش حياتي مثل أي إنسان أو إنسانة طبيعية؛ لأنها شهوة قوية، أريد أن أعيش مثل البشر، هل هذا مرض وبالفعل بدأ اكتشافه حديثًا والتعرف إليه ولم يكن معروفًا سابقًا؟ هل هذا ابتلاء؟ هل أُجري عملية تغيير الجنس؟ ما رأيك بهذه الفتوى التي تخص اضطراب الهوية الجنسية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فالذي يظهر من رسالتك أنك تُعاني من اضطراب في الهويَّة الجنسيَّة، وهو الذي يجعل المصاب به يعتقد أنه من الجنس المعاكس، فالذكر مثلًا يُولد بأعضاء تناسلية ذكرية كاملة، وهو بالتالي ليس خنثى، لكنه منذ سن مبكرة جدًّا يُصنِّف نفسه مع النساء، ويتصرَّف كواحدة منهن، ويتطلع إلى إنشاء علاقات مع الذكور باعتبارهم الجنس الآخر، وهذه حالة يصنفها جمهور الأطباء على أنها مرض فعلي كما يصرح المصابون به، وليس مجرد نزوة شيطانية.
وقد أُمرنا بالتداوي، ففي الحديث: «تَدَاوُو عِبَادَ الله، فَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»(1).
والدواء في حالتنا هذه سعيٌ إلى إعادة التواؤُم بين النفس والجسد، فإما أن تعالج مشاعره النفسية من خلال الطب النفسي، لكي يقتنع بذكورته ويتكيف معها، وهو الأمر الذي ينبغي أن يبدأ به مع الأطباء النفسيين، وينبغي أن يبذل المريض نفسه جهدًا كبيرًا للتكيف مع حالته الجسدية، فربما كانت أحاسيسه أوهامًا لا أصل لها، فإن فشل الطب في ذلك، ووصل إلى طريق مسدود تعين الطريق الآخر، وهو المعالجة الجراحية لإلحاق حالته الجسدية بحالته النفسية، وإيجاد تواؤم بينهما، وإذا صنفت الحالة على أنها مرض على هذا النحو، وتعين هذا الإجراء الجراحي طريقًا للمعالجة أصبحنا أمام ضرورة طبية تقتضي هذا الإجراء، وأرجو أن يسع عفو الله هذا المبتلى. والله تعالى أعلى وأعلم.