أُقيم في أمريكا، ولي ابنة عمرها عشرون عامًا، وقد خرجَتْ عن طاعتي، على الرغم من أني لم أقصر أبدًا في تربيتها منذ الصغر، ولكن كما تعلمون قوانين هذه البلاد وتأثير زميلاتها عليها في المدرسة، الأمر الذي أصبحت عليه أنها خرجت عن طاعتي ولم أعد أملك السيطرة عليها بحكم القوانين. وقد لجأت إلى أهل الخير لردها، ولكن لم أعد أملك السيطرة عليها بحكم القانون.
والسؤال الذي أنا بصدده: هل أنا مسئول أمام الله عن انحرافها؟ وماذا تنصحوني بفعله؟ وكيف أتصرف لاسترداد ابنتي إلى حظيرتي؟ علمًا بأني لم أترك بابًا ألا وطرقته، ابتداء من توسلاتي لها أو بواسطة أهل الخير، وكل المحاولات باءت بالفشل. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم اللهُ عنا كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة(1)، فننصحك بالمبادرة بالتوبة إلى الله جل وعلا، ثم بصدق الضراعة إليه أن يكشف عنك ما نزل بك من البلاء، وأن يصرف عنك ما أصابك من السوء، فهو أكرم من سئل وأرأف من ملك. ورُب دعوة صادقة تصعد إلى الله من قلب مكلوم في ساعة إجابة يفتح الله أبواب رحمته! فلا تقنط من رحمة الله ولا تيئس من رَوْحه.
كما ننصحك بأن تُبقي بابك مواربًا، فلا تغلقه في وجهها بالكلية، ولا تنبسط إليها بالكلية، ولكن تراوح في علاقتك بها بين الترغيب والترهيب، وأن تستمر في محاولاتك لاستعادتها، وإن استفرغت وُسعك وبذلت جهدك فما عليك من حسابها من شيء، فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) جواهر العلم» (1/ 124).