هل يجوز قراءةُ القرآن من المصحف بقصد العبادة وليس للـتعلُّم من دون وضوء؟ جزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا حرج في قراءة القرآن بغير وضوءٍ ما دُمتَ لا تمسُّ المصحف، فقد كان نبيُّك ﷺ لا يحجزه شيءٌ عن القرآن إلا الجنابة(1).
أما مباشرةُ المصحف فيُشترط لها الوضوء؛ فقد كتب النبيُّ ﷺ إلى أهل اليمن ألا يمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ(2)، وأفتى أصحاب النبي ﷺ بذلك؛ ولهذا ذهب جمهورُ أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة(3) على أنه لا يمسُّ القرآنَ إلا طاهرٌ. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الطهارة» باب «في الجنب يقرأ القرآن» حديث (229)، والترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا» حديث (146) من حديث علي رضي الله عنه وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
(2) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (3/552) حديث (6051)، والطبراني في «الأوسط» (3/326- 327) حديث (3301)، والدارقطني في «سننه» (1/122) حديث (6)، وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
(3) جاء في «المدونة» من كتب المالكية (1/201-202): «وقال مالك: لا يحمل المصحف غير الطاهر الذي ليس على وضوء لا على وسادة ولا بعلاقة».
وجاء في «المبسوط» من كتب الحنفية (3/152): «ومنها أنها لا تمس المصحف ولا اللوح المكتوب عليه آية تامة من القرآن لقوله تعالى: ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾، وهذا، وإن قيل في تأويله لا ينزله إلا السفرة الكرام البررة فظاهره يفيد منع غير الطاهر من مسه».
وجاء في «بدائع الصنائع» من كتب الحنفية (1/33-34): «مطلب مس المصحف ( وأما ) الثاني ، وهو بيان حكم الحدث فللحدث أحكام، وهي أن لا يجوز للمحدث أداء الصلاة لفقد شرط جوازها، وهو الوضوء… ولا مس المصحف من غير غلاف عندنا».
وجاء في «المجموع» من كتب الشافعية (2/75-82): « قال المصنف رحمه الله تعالى ومن أحدث حرمت عليه الصلاة… ويحرم عليه مس المصحف».
وجاء في «المغني» من كتب الحنابلة (1/108-110): «مسألة: قال: ولا يمس المصحف إلا طاهر يعني طاهرًا من الحدثين جميعًا. روي هذا عن ابن عمر والحسن وعطاء وطاوس والشعبي والقاسم بن محمد وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي».