فضيلة الدكتور صلاح الصاوي: أنا في البداية لم أكن أعلم بأن هذه الخطوط مسروقة، وبعد فترة من الشك علمْتُ، ولكنني أقيم في دولة أوربية، وكان ذلك في بدايتي هناك، ومع صعوبة العمل ولم يكن عندي إقامة هناك.
شيء آخر: أنه كان بجوار هذه الخطوط كان هناك أعمال إضافية منها بيعُ كروت اتصالات، وتحويل أموال، وتصوير أوراق، فاختلط الأمر عندي أن هناك جزءًا حلالًا في العمل.
أنا لا أدافع عن نفسي أو أحاول تضليلكم؛ فقد سمعتكم مرارًا وأنتم تقولون: إن المفتي أسير المستفتي. وأعي ذلك جيدًا، وأعلم أنني أجرمت في حق نفسي، وفعلًا شيخَنا الفاضل أنا أخذت أكثر مما اتفقنا عليه، وأكثر من حقِّي فيما بعدُ؛ لأن الشَّيطان سوَّل لي في ذلك الوقت أن ظلْمَه لي وتخلِّيه عني يكون مقابله ما أخذته.
ومثال ذلك أنني بعد حصولي على الإقامة، وعندما حان وقت التجديد لم يجدد لي على العمل، وعرضت عليه أن أدفع كل المصاريف فلم يوافق، وجددت على شخص آخر مع أنني أعمل معه، ونصب علي الآخر وأخذ مني مبلغًا كبيرًا، ولم يقدم لي أوراقًا صحيحة، وتم إيقاف أوراقي لفترة وعدْتُ إليه وطلبتُ منه مرَّةً أخرى وأصرَّ على الرَّفض، واضطررت للذهاب لآخر، ودفعت له مبلغًا آخر أعلم أنه كان ينبغي علي تركه، ولكن ظروف العمل كانت صعبة هنا.
وأنا لا أستطيع أن أحدِّد ما أخذت لأنني لا أعرف كيف يتمُّ حساب الأوقات الزائدة في العمل أو ما وقع علي من ظلم وما يساويه، ولكننى فعلًا أخذت ما هو أكثر من حقي وما أعجز عن رده إلا لأنني في ظروف صعبة جدًّا وأسئلتي هي السابقة، وهي:
1- هل ما فعلته حرام؟
2- هل أموالي التي أكتسبها الآن يدخل فيها هذا المال الحرام؟
3- إن كان حرامًا كيف أتطهر منه؟ وكيف أقدره لأنني لا أعرف القيمةَ الصَّحيحة له؟ وهل هناك كفارة لذلك؟
4- هل ما حدث لي من خسارات يُعَدُّ عقوبةً لي ويرفع عني إثم ذلك؟
5- كيف أتخلص من هذا الذَّنْب وأنا لا أستطيع السداد؟
6- هل هذا المال من قبيل الدَّين الذي لا يستثنى منه حتى الشهيد؟
7- هل ظلمُه لي لا يكَفِّرُ عني ذنوبي.
أنا شديدُ الندم. وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن كنت قد أخذت ما يزيد على حقِّك فأنت مُطالب بردِّه، والحقوق لا تسقط بالتقادُم، ولك أن تتَلَّطف في ردِّه بما لا يعرِّضك للمساءلة القانونية، وقد لزِمَك إثمه، فتلزمك التَّوْبة.
وأما كيف تقدِّره وقد طال العهد واختلطت الأمور؛ فإن الأمور في مثل ذلك تبنى على غلَبَة الظَّن؛ فإن هذا هو الممكن، وقد قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]
وقد يكون ما أصابك من بعدُ عقوبة على ذلك، فقد قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [الشورى: 30]
ومن السنن الإلهية أنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة(1)، فالتَّوْبة معروضة، وأبوابها مفتوحة، ونسألُ اللهَ لنا ولك العافية. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) أخرجه الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (1/124) حديث (727) من قول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه .