فضيلة الشيخ، جزاك الله عنا خير الجزاء وزادك الله من فضله، آمين. أما بعد:
جوابًا على ما تفضلت به سيدي الفاضل فإن قوانين ولوائح السجن تبيح للمدير إقامة الحدود والتعزير والتأديب كما يرى ويشاء، لكن هذا القانون مقبور من طرف المديرين السابقين، كما كان مسجد السجن مغلقًا وقد فتحته بفضل الله وعينت أحد السجناء إمامًا ولله الحمد، كما أقوم بدوراتٍ في تحفيظ القرآن… إلخ. لكن في المقابل أنا سيدة صارمة ولا أقبل أن تنتهك حرمات الله ، وما أريد معرفته من فضيلتكم هو كوني امرأة هل يجوز لي أن أقيم الحد على المفسدين بنفسي؟ فأنا المسئولة أمام الله يوم القيامة، أنا ولية الأمر في السجن وراعية هناك. وما هي الطريقة المناسبة لإقامة الحد؟ والمكان والزمان؟ وأي أنواع السياط أستخدم؟ وهل أقيمه أمام الملأ كي يكون عبرةً لهم؟ وكم جلدة أجلد؟ جزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أختنا المباركة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
زادك الله غيرة وولاء لدينه، ونفيدك بأن الحدود لا تقام إلا في دار الإسلام، فـ«لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ»(1) ولا تقام الحدود في أرض العدو، ولكن تتحول العقوبات جميعًا إلى عقوبات تعزيرية لمن يقوى على إقامتها، والعقوبات التعزيرية الأمر فيها واسع، والجلد واحد منها ولكنه ليس متعينًا فيها، فاجتهدي في فعل ما يحفظ الخلق والآداب العامة ويمنع الفحش والبغي والاستطالة على الآخرين. ونسأل الله لنا ولك التوفيق. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الحدود» باب «ما جاء أن لا تقطع الأيدي في الغزو» حديث (1450) من حديث بسر بن أرطاة رضي الله عنه، وقال: «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم منهم : الأوزاعي : لا يرون أن يقام الحد في الغزو بحضرة العدو مخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو، فإذا خرج الإمام من أرض الحرب ورجع إلى دار الإسلام أقام الحد على من أصابه كذلك قال الأوزاعي»، وذكره الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (1450).