أنا أعمل موظَّفة، وعندي ولدٌ وبنت، وادَّخرتُ لهم مبلغًا من المال وجعلتُه
بالتُساوي بينهم، وقلت لزوجي: عند وفاتي يكون الذَّهَبُ الخاصُّ بي لابنتي، ويُعوَّض ابني عن نصيبه في الذَّهَب نقودًا من مكافأة العمل، وتكون القسمةُ تبعَ الشَّرْع، هل يجوز ذلك أم أنه حرام أن أدَّخر لهما بالتُساوي ويكون للذَّكَر مِثلُ حظِّ الأُنْثَيَيْنِ في كلِّ شيءٍ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإنه يُفرَّق بين العطيَّة في حال الحياة والتَّرِكة بعد الوفاة، أما العطيَّة في حال الحياة فإن التَّسْويةَ فيها بين الذُّكور والإناث مشروعةٌ بل ومندوبة في أرجح أقوال أهل العلم؛ لحديث «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»(1)، فقد ذهب جمهورُ الفقهاء إلى أن معنى التَّسْوية بين الذِّكْر والأنثى من الأولاد: العدل بينهم في العطيَّة بدون تفضيل؛ لأن الأحاديثَ الواردة في ذلك لم تُفرِّق بين الذَّكر والأنثى، وذهب الحنابلة والإمام محمد بن الحسن من الحنفيَّة- وهو قولٌ مرجوح عند الشَّافعيَّة- إلى أن المشروعَ في عطية الأوَّلاد القسمةُ بينهم على قدر ميراثهم: أي للذَّكَر مِثلُ حظِّ الأُنْثَيَيْنِ؛ لأن اللهَ عز و جل  قسم لهم في الإرث هكذا، وهو خيرُ الحاكمين، وهو العدل المطلوب بين الأولاد في الهبات والعطايا.
والأوَّل أرجح؛ لظاهر الحديث، أما ما كان من ميراثٍ فإنه يجري على وفاق الشَّرْع الـمُطَّهر، وعلى هذا فلا حرج أن تقسمي مُدَّخراتك بالسويَّة بينهم جميعًا، وتملكينها لهم في حال الحياة، أما بعد الوفاة فينبغي أن يُحالَ كلُّ شيءٍ إلى القسمة الشَّرْعيَّة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) متفق عليه.