كم عدد رَكَعات قيام اللَّيل اتِّباعًا للسُّنَّة؟ وهل يُعتبر الشَّفع والوتر جزءًا منها؟ وإذا صلَّيت الوتر قبل النَّوم وقمت الليل هل يترتب عليَّ إعادته أم أصلِّي اثنين اثنين؟ وأخيرًا إذا أُذِّن لصلاة الفجر وأنا أصلِّي الوتر: هل تُعتبر صلاتي باطلةً؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن قيام اللَّيل نَفْل مطلق، أدناه ركعتان، وأكثره لا حدَّ له، وخيرُه أن يكونَ قيامًا كقيام النبي صلى الله عليه وسلم ، أن تقوم بثمان ركعات وأن توتر بثلاث، لما ثبت في الصَّحيحين عن عائشة ل قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة(1).
فمن قوي على قيام كقيام النبي صلى الله عليه وسلم ففي الاكتفاء بهذا العدد كمال الاتباع، ومن عجز عن قيام طويل كقيامه صلى الله عليه وسلم استعاض عن طول القيام بزيادة عدد الركعات، ولا حرج في الاقتصار على أقلِّ من ذلك بحسب الوُسع والطَّاقة، ولاحرج في الزِّيادة، ولكن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم (2).
ويلاحظ أنه لا وتران في ليلة(3)، فمن أوتر قبل نومه ثم بعث من الليل فصلى ما شاء الله له أن يصلى فلا يوتر ثانية.
وإذا أدركك الفجر وأنتِ تُصلِّين الوتر فلا تبطل صلاتك، بل أتمِّيها وتجوَّزي فيها.
بارك الله فيك، وزادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره» حديث (1147)، ومسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة» حديث (738).
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الاعتصام بالكتاب والسنة» باب «الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم » حديث (7277) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
(3) ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «في نقض الوتر» حديث (1439)، والترمذي في كتاب «الصلاة» باب «ما جاء لا وتران في ليلة» حديث (470) من حديث طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ»، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، واختلف أهل العلم في الذي يُوتر من أول الليل ثم يقوم من آخره، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نقضَ الوتر، وقالوا: يضيف إليها ركعةً ويصلي ما بدا له ثم يوتر في آخر صلاته؛ لأنه لا وتران في ليلة، وهو الذي ذهب إليه إسحاق، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام من آخر الليل فإنه يصلي ما بدا له ولا ينقض وتره ويدع وتره على ما كان، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأهل الكوفة وأحمد، وهذا أصح لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر».