أريد استفسارًا عن الوضوء؛ عند ذهابي لمنزل لن أطيل فيه، يعني لا أنام هناك (من الصباح إلى المساء) هل من المسموح عند الوضوء أن أمسح على الخمار فقط من غير نزعه ومسح الرأس؛ لأنه لا محرم لي في ذلك المنزل؟ أفيدوني أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المشهور من مذهب الإمام أحمد(1) جواز المسح على الخمار إذا كان مُدارًا تحت الحلق؛ لأن ذلك قد ورد عن بعض نساء الصحابة رضي الله عنهن(2). فيجوز للمرأة المسحُ على الخمار إذا كان مُحكَم الشدِّ ومُدارًا تحت الحلق، ويجوز لها أن تمسح على الحناء إذا وضعته على رأسها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لـبَّـدَ رأسه لما أحرم بالحج، كما عند البخاري في «صحيحه»(3).
قال العيني: «لبَّد شعره: جعل فيه شيئًا نحو الصمغ ليجتمع شعره لئلَّا يتشعَّث في الإحرام، أو يقع فيه القمل»( 4). اهـ.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم شكَوا إليه ما أصابهم من البرد، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين(5).
والعصائب: هي كل ما عُصِب به الرأس من عمامة أو منديل أو خرق، والتساخين: الخِفاف.
قال الخطابي: «وقال بعضهم: التساخين كل ما يُسخن به القدم من خُف وجورب ونحو ذلك»(6). اهـ.
وعلى هذا فإذا كان في نزع الخمار مشقةٌ أو خشية انكشاف عورة أمام أجانب ونحوه، فلا حرج في الترخص في ذلك، وإلا فالأولى عدم المسح، ومثل ذلك إذا لم يكن الخمار مشدودًا على الرأس فإنه لا يجوز مسحه؛ لأنه لا يشق رفعه ومسح الرأس تحته. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) جاء في «كشاف القناع» من كتب الحنابلة (1/112-113): «(و) يصح المسح أيضًا (على خمر النساء المدارة تحت حلوقهن)».
(2) فقد أخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/28) حديث (223) من حديث أم سلمة ل: أنها كانت تَمْسَحُ على الْـخِمَارِ.
(3) أخرجه البخاري في كتاب «الحج» باب «من لبد رأسه عند الإحرام وحلق» حديث (1725) من حديث حفصة ل أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حَلُّوا بعمرة ولم تَحْلِل أنت من عُمرتك؟ قال: «إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ».
(4) «عمدة القاري» (14 /263).
(5) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/227) حديث (22437)، وأبو داود في كتاب «الطهارة» باب «المسح على العمامة» حديث (146)، وذكره النووي في «المجموع» (1/465) وصحح إسناده.
(6) «غريب الحديث» للخطابي (2/61).