هل يجوز قراءةُ القرآن في فترة الحيض غيبًا أو من الكمبيوتر؟ أرجو الإجابة وجزاكم اللهُ عنَّا كلَّ خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
اختلف أهل العلم في قراءة الحائض للقرآن الكريم: فذهب جماعة من أهل العلم إلى تحريم ذلك وألحقوها بالجنب، وقالوا: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنب لا يقرأ القرآن؛ لأن الجنابة حدث أكبر، والحيض مثل ذلك، والنفاس مثل ذلك فقالوا: لا تقرأ الحائض ولا النفساء حتى تطهرا، واحتجوا أيضًا بحديث رواه الترمذي عن ابن عمر ب قال: «لَا تَقْرَأُ الْـحَائِضُ وَلَا الْـجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ»(1).
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول أيامًا كثيرة فلا يصحُّ قياسهما على الجنب؛ لأن مدته قصيرة؛ لأن في إمكانه إذا فرغ من حاجته أن يغتسل ويقرأ، أما الحائض والنفساء فليس في إمكانها ذلك، وقالوا في الحديث السابق الذي احتج به المانعون: إنه حديث ضعيف، ضعفه أهل العلم لكونه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة. وهذا القول هو الصواب.
فلا حرج في قراءة القرآن غيبًا بدون مسيسٍ للمصحف أثناء الحيض أو النفاس؛ لأن الحيضَ والنفاس بيد الله عز وجل ، وقد يطول أمده فتتضرَّر المرأة بهجرها لقراءة القرآن في هذه المدة، فقياسهما على الجنب غير صحيح، وقد صدر قرارٌ عن مجمع فقهاء الشَّريعة بأمريكا في دورة مؤتمره السَّادس المنعقد في مونتريال بكندا حول هذه القضيَّة، وإليك نصَّه أيُّها الموفق:
– لا بأس من قراءة القرآن للحائض غيبًا إذا كان بقصد التَّعبُّد، أمَّا في حالة تعلُّم القرآن وتعليمه فيجوز لها القراءة من المصحف، عملًا بمذهب الإمام مالك:(2)، وهو رواية عن أحمد(3) وقد رجَّحها شيخ الإسلام ابن تيميَّة(4)، وينبغي أن يكونَ ذلك بحائلٍ من قفازٍ ونحوه، أو من خلال مصحفٍ معه ترجمة أو تفسير خروجًا من الخلاف.
– يُرخص للحائض في دخول المسجد والجلوس فيه لسماع المحاضرات وتلقِّي العلم مع التَّحوُّط والتَّحفُّظ لطهارة المسجد، عملًا برواية في مذهب الإمام أحمد: وبه قال الـمُزَني صاحب الشَّافعي وداود وابن حزم، وينبغي توفير قاعةٍ تكون ملحقةً بالمساجد ومُخصَّصة لأصحاب الأعذار الشَّرْعيَّة خروجًا من الخلاف. زادك اللهُ حِرْصًا وتوفيقًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن» حديث (131)، وابن ماجه في كتاب «الطهارة وسننها» باب «ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة» حديث (596)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1/309) حديث (1375). وقال الترمذي: «حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقرأ الجنب ولا الحائض. وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم؛ مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئًا إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك. ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل. قال: و سمعت محمد بن إسماعيل- البخاري- يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير. كأنه ضعَّف روايته عنهم فيما ينفرد به. وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشأم. و قال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات»، وقال البيهقي: «ليس هذا بالقوي»، وقواه ابن كثير في «إرشاد الفقيه» (1/ 63)
____________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن» حديث (131)، وابن ماجه في كتاب «الطهارة وسننها» باب «ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة» حديث (596)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1/309) حديث (1375). وقال الترمذي: «حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقرأ الجنب ولا الحائض. وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم؛ مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئًا إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك. ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل. قال: و سمعت محمد بن إسماعيل- البخاري- يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير. كأنه ضعَّف روايته عنهم فيما ينفرد به. وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشأم. و قال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات»، وقال البيهقي: «ليس هذا بالقوي»، وقواه ابن كثير في «إرشاد الفقيه» (1/ 63)
(2) جاء في «شرح مختصر خليل للخرشي» من كتب المالكية (1/208-209): «(ص) ومس مصحف لا قراءة (ش) أي أن الحيض يمنع مس المصحف، ولا يمنع القراءة ظاهرًا أو في المصحف دون مس، خافت النسيان أم لا؛ لعدم تمكنها من الغسل؛ ولذا تمنع من الوضوء للنوم، فلو طهرت منعت من القراءة ولا تنام حتى تتوضأ كالجنب».
(3) قال في «الإنصاف» (1/347-349): «قوله (وقراءة القرآن) تمنع الحائض من قراءة القرآن مطلقًا على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. وقيل: لا تمنع منه، وحكى رواية. قال في الرعاية: وهو بعيد الأثر، واختاره الشيخ تقي الدين. ومنع من قراءة الجنب. وقال: إن ظنت نسيانه وجبت القراءة، واختاره أيضًا في الفائق».
(4) انظر: الفتاوى الكبرى (1/446)