سمعت بأن المرأة لا يجب عليها أن تزيل حجابها أمام النساء غير المسلمات، ما صحة هذا الكلام؟ بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فهذه المسألة من مسائل النظر بين أهل العلم، والخلاف فيها مبني على الخلاف في تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: 31] فمن فسَّر نسائهن بأنهن النساء المسلمات قال بالمنع، ووجهه أن الإضافة تقتضي مزيد اختصـاص، كما في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: 282] أي من رجال دينكم. ومن ترك اللفظ على العموم قال بالجواز.
قـال ابن العربي: «والصحيح عنـدي أن ذلك جائز لجميع النساء، وإنما جاء بالضمير للإتباع، فإنها آية الضمائر؛ إذ فيها خمـس وعشرون ضميرًا لم يروا في القرآن لها نظيرًا، فجاء هذا للإتباع»(1). اهـ.
قال ابن قدامة: «لأن النساء الكوافر من اليهوديات وغيرهن قد كنَّ يدخلن علـى نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلـم يكن يحتجبن، ولا أُمِرْن بحجاب، وقـد قالت عائشة: إن يهودية جاءت تسألها، فقالت: أعـاذك الله من عذاب القبر. فسألت عائشةُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم .
وذكر الحديث(2). وقالت أسماء: قَدِمتْ عليَّ أمي وهي راغبة- يعني عن الإسلام- فسألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصِلُها؟ قال: «نَعَمْ»(3). ولأن الحجب بين الرجال والنساء لمعنى لا يوجد بين المسلمة والذمية، فوجب أن لا يثبت الحجب بينهما، كالمسلم مع الذمي؛ ولأن الحجاب إنما يجب بنص أو قياس، ولم يوجد واحد منهما. فأما قوله: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: 31]، فيحتمل أن يكون المراد به جملة النساء»(4). اهـ.
والصواب أنه يجوز لها ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) «أحكام القرآن» (1/71).
(2) أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «التعوذ من عذاب القبر في الكسوف» حديث (1049).
(3) أخرجه مسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد» حديث (1733).
(4) «المغني» (7/464).