شيخنا الفاضل الدكتور صلاح الصاوي، مند فترة وأنا أريد أن أنتقب، ولكن مما أخَّر هذا الأمر أن زوجي من بلدٍ يُعرِّضن فيه المنتقبات للمضايقات وأصحاب اللِّحية يؤخذون من الأسواق إلى مراكز الشُّرطة للتَّوقيع على تعهُّدٍ لإزالة اللِّحية.
ولقد حدث هذا الأمر مع زوجي فنصحني ألا أنتقب تفاديًا لهذا، وهو يخشى أن أقع في هذا الظلم وينهك عرضنا والعياذ بالله سبحانه، فتركتُ أمر النِّقاب بغضاضة في قلبي، ودائمًا تُحدِّثني نفسي عن هذا الخِذلان والبحث في أقوال من يقول بوجوب النِّقاب ومن يقول بفضله وكرامته.
وكما تعلمون أقوال الشَّيخ ابن العثيمين : وأدلته من القرآن والسُّنَّة والقياس، ثم موضوعيَّة ولباقة من يقولون إنه عادة وليس عبادة، ثم موقف الغير القائلين بصراحةٍ لا على وجوبه ولا على عدم وجوبه أمر في الحقيقة مُحيِّر.
هناك حديثٌ أريد أن أستفسر حضرتكم فيه: كما تعلمون أن فرض الله  الحجاب في سورتي الأحزاب والنور، وهما مدنيتان: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 53] فإلى هنا وأنا مطمئنة، فإذا بهذا الحديث يلخبط الأمر عليَّ: مدَّت امرأة من وراء الستر بيدها كتابًا إلى رسول الله ، فقبض النَّبيُّ  يده، وقال: «مَا أَدْرِي أَيَدُ رَجُلٍ أَوْ يَدُ امْرَأَةٍ؟». فقالت: بل امرأة. فقال: «لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً غَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ بِالْـحِنَّاِءِ»(1).
فالمرأة تمدُّ من وراء حجاب مكشوفة الأيدي، هذا إذا كان هذا الحديث واردًا عن الرَّسول .
أفيدوني جزاكم اللهُ عني كلَّ خيرٍ، أودُّ أن أكونَ من الذين يقولون: سمعنا وأطعنا، أود من حضرتكم أن تُعينوني بإذن الله على اتِّخاذ القرار الصائب بارك اللهُ فيكم.

______________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/262) حديث (26301)، وأبو داود في كتاب «الترجل» باب «في الخضاب للنساء» حديث (4166)، والنسائي في كتاب «الزينة» باب «الخضاء للنساء» حديث (5089) من حديث عائشة، وحسنه الألباني في «صحيح سنن النسائي» (5089).

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فزادك اللهُ حِرْصًا وتَوْفيقًا، وكتب لك ولزوجك ثواب الصَّابرين المرابطين، ونودُّ أن نذكر لك أن النِّقاب قضيَّة خلافيَّة بين أهل العِلْم، منهم من جعله فريضةً، ومنهم من جعله فضيلةً، وقد توارثت الأُمَّة هذين الاجتهادين وتضمَّنتهما مواريثها الفقهيَّة منذ زمن الصَّحابة إلى يوم النَّاس هذا، ولم يُجمعوا على تأكده إلا على المرأة الظَّاهرة الحسن التي يُخشى من كشف وجهها الفِتْنة لما حَبَاها اللهُ تعالى به من جمالٍ ظاهر آسر.
وعلى هذا فإذا كان ارتداء النِّقاب في بلدٍ من البلاد ذريعةً إلى السجن والاضطهاد فلا حرج في نزعه، والنَّاس في مثل ذلك أهل رُخَصٍ وأهل عزائم، وفي رحبة الإسلام مُتَّسع لهؤلاء وهؤلاء، وعلى هذا فأتمري بينك وبين زوجك بالمعروف، وسَلُوا اللهَ أن يُلهمكما الرُّشد، وإن قدَّرتما أن النِّقاب في هذه الأجواء سيجرُّ عليكما ما لا قِبَل لكما به من المتاعب فلا حرج في نزعه، سواء علينا أقلنا بفرضيته أم بندبه، والله من وراء القصد. ونَسْألُ اللهَ لكما التَّوفيق والسَّداد، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.