هل يجوز للمرأة أن تُبدي لمحارمها العَضُد أو جزءًا يسيرًا من العضد، إلى نصفه مثلًا؛ لأنها ترتدي أمامهم ملابس بنصف كُمٍّ، فقد يظهر جزء من العضد أو نصفه أو ما يقارب نصفه بدون قصد؟
ثانيًا: إذا أرادت المرأة أن ترتدي أمام أبنائها البالغين ملابسَ تُظهر عضدها وكتفيها، مثل ملابس البيت التي هي بحمَّالات، فهل لها ذلك؟
برجاء التفصيل فيما يجوز للمرأة إظهاره للمحارم، وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الذي يجوز للمرأة إظهاره أمام محارمها هو ما يظهر منها عادة وهي في ثياب مهنتها، وللعرف مدخل في ذلك، والغالب أنه الشعر والنحر وأغلب الساق والذراع.
قال أبو بكر الجصاص : في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: 31] «ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم، ومعلوم أن المراد موضع الزينة، وهو الوجه واليد والذراع… فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع، وهي مواضع الزينة الباطنة؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة. ورُوي عن ابن مسعود والزبير: القرط والقلادة والسوار والخلخال(1)… وقد سَوَّى في ذلك بين الزوج وبين مَن ذُكر معه، فاقتضى عمومُه إباحةَ النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج». انتهى(2).
وقال البغوي: «قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور: 31] أي: لا يُظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان: خفية، وظاهرة. فالخفية مثل الخلخال والخضاب في الرِّجْل، والسوار في المِعصَم، والقُرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة». انتهى(3).
وقال في «كشاف القناع»: «وللرجل أيضًا نظرُ وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه. قال القاضي على هذه الرواية: يُباح ما يظهر غالبًا كالرأس واليدين إلى المَرْفِقَين». انتهى(4). والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (9/228) حديث (9117).
(2) «أحكام القرآن» للجصاص (5/174).
(3) «أحكام القرآن» للجصاص (5/174).
(4) «كشاف القناع» (5/11).
