أشتغل في إدارة من الثامنة والنصف صباحًا إلى الرابعة والنصف مساء، وأعاني من كثرة الإفرازات المهبلية وكثرة خروج الريح مما يضطرني للوضوء عند دخول وقت كل صلاة، فهل يجوز لي الجمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم؟ خصوصًا وأنني أصل إلى المنزل مساء متعبة في وقت قريب من أذان صلاة المغرب. وعند الجمع بينهما ماذا بالنسبة لسنة الظهر؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيجوز الجمع لعذر السفر والمطر والخوف والمرض ونحوه. فعن أنس t قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، وإذا زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب. متفق عليه(1).
وفي رواية لمسلم: إذا عَجِلَ عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق(2).
وهل يُقاس على ذلك من يجد مشقة في أدائه للطهارة الواجبة؟
الأمر محتملٌ؛ فقد روى مسلم أيضًا عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ب قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يُحرج أمته(3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فالأحاديث كلها تدلُّ على أنه جمع في الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته، فيُباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة، وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يُحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأَوْلى والأحرى، ويجمع من لا يُمكنه إكمال الطهارة في الوقتين إلا بِحَرج كالمستحاضة وأمثال ذلك من الصور.
والخلاصة: أن جمعك محتمل، وأرجو أن تجاهدي نفسك في أداء الصلاة لوقتها فإن ذلك هو الأفضل والأولى ما استطعت سبيلًا إلى ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل» حديث (1111)، ومسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «جواز الجمع بين الصلاتين في السفر» حديث (704).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «جواز الجمع بين الصلاتين في السفر» حديث (704) من حديث أنس رضي الله عنه .