بارك اللهُ فيك يا دكتورصلاح، أنا فتاة عندي عشرون سنةً ومحجبة، والآن أمي تريد مني أن أخلع الحجاب وتقول لي: أنت ما زلتِ صغيرةً. وأنا أُحاول أن أخبرها أن هذا حرامٌ، وأسرتي تضغط عليَّ، وآخر فرصة إلى العيد وبعد ذلك لابُدَّ أن أخلعه.
فهل أُطيعهم وقلبي مُطمئِنٌّ بالإيمان أم ماذا أفعل والضغوط شديدة عليَّ؟ وبماذا تنصحني؟ وماذا تقول لأهلي؟ وهل إذا خلعتُه ونيتي تأبى ذلك يكفي كما قال لي أحد الدعاة؟ وجزاكم اللهُ خير الجزاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الحجابَ فريضة الله على نساء المؤمنين، والأدلة على ذلك مستفيضة ومتواترة، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ [الأحزاب: 59]
والأم أعظم النَّاس حقًّا على المسلم، والبرُّ بها من عزائم الأحكام في الشَّريعة، ولكن بِرَّها لا يكون في معصية الله عز وجل ؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق(1).
والذي ننصح به هو الثَّبات والاجتهاد في إقناع الوالدة بموقفك هذا، وسوف تجدين على الخير أعوانًا بإذن الله، ويُمكن أن تتوسَّلي إلى إقناع أمِّك وترضيتها بتوسيط بعض أهل العِلْمِ ممن تثق فيهم الوالدة وتستمع إلى نُصحهم لعله أن يقول لها في نفسها قولًا بليغًا.
فاصبري واحتسبي يا بنيتي، ولا تترخَّصي بخلع الحجاب إلا تحت مطارق الإكراه ووطأة الضَّرُورات.
أسأل الله ألا تَصِلِي إلى هذه المرحلة، وأن يجعلَ لك من كربك فَرَجًا ومَخْرَجًا، ونُوصيك بالدعاء في الأسحار وصِدق اللَّجْء إلى الله عز وجل ، وهو جلَّ وعلا أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «أخبار الآحاد» باب «ما جاء في إجازة خبر الواحد» حديث (7257)، ومسلم في كتاب «الإمارة» باب «وجوب طاعة الأمراء في غير معصية» حديث (1840) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بلفظ: «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف».