ليَّ كفارةُ نذر وأكثرُ من كفارة يمين, وأنا أعيش في دولة أوربية أصلًا لكنني الآن في زيارة لبلدنا منذ ثلاثة شهور.
فهل يجوز لي أن أدفع الكفارة- أي: إطعام عشَرة مساكين- لكلِّ كفارة هنا في بلدي الذي أنا فيه حاليًّا؟ وبأي عُمْلة؟ بعملة البلد الذي أنا فيه زيارةً، أم في البلد الذي أعيش فيه أصلًا؟ وهل يجوز لي أن أدفعها لعائلة واحدة فقط محتاجة وتُحسب لي كفارةَ عشَرة أشخاص لعدة أيام؟ بوركتم، بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا حرج أن تدفع كفارة اليمين في أيِّ مكان تيسَّر لك فيه ذلك، ويكون تكلفة الطعام حسب ظروف المنطقة التي أخرجتَه فيها.
وقد أجاز بعضُ أهل العلم(1) أن تبذل الكفارة لفقيرٍ واحد يستمرُّ إطعامه لعشرة أيام، ولكن الأولى أن توزَّع على عشرة من الفقراء خروجًا من الخلاف، كما هو ظاهر الآية الكريمة(2).
قال ابن قُدَامة : في «المغني»: «إذا وَجَدَ مَنْ عليه كفارة المساكين بكمال عددهم, لم يُجْزِئه إطعامُ أقل من عشَرةٍ في كفارة اليمين, ولا أقل من ستين في كفارة الظهار وكفارة الجماع في رمضان، وبهذا قال الشافعي؛ لقول الله تعالى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } [المائدة: 89]،، ومن أطعم واحدًا فما أطعم عشرةً؛ فما امتثل الأمر, فلا يجزئه». اهـ(3).
وجاء في فتاوى اللَّجنة الدائمة للإفتاء ببلاد الحرمين (23/21): «كفارة اليمين إذا أخرجها من الطعام فلابد من استيعاب عشَرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من الطعام، ولا يُجزئ فيها الاقتصار على فقيرٍ واحد، ولو كرَّرها عليه عشرة أيام؛ لأن هذا خلاف النص». والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [النجم: 32]
(2) جاء في «بدائع الصنائع» من كتب الحنفية (5/104-105): «وهل يشترط عدد المساكين صورة في الإطعام تمليكًا وإباحة؟ قال أصحابنا: ليس بشرط وقال الشافعي رحمه الله: شرط، حتى لو دفع طعام عشرة مساكين وذلك خمسة أصوع إلى مسكين واحد في عشرة أيام كل يوم نصف صاع، أو غدى مسكينا واحدا أو عشاه عشرة أيام أجزأ عندنا».
(3) ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].