حلف يهودي ألا يتزوج من امرأة ما، ثم أسلم فغيَّر رأيه وأراد أن يتزوجها، فماذا عليه أن يفعل؟ هل عليه كفارة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فانعقاد يمين الكافر لأهل العلم فيه فريقان: فالشافعية(1) والحنابلة(2) على أنه لا يُشترط الإسلام في انعقاد اليمين ولا بقائها، والحنفية(3) والمالكية(4) على عدم انعقاد يمين الكافر، كما ذهبوا إلى أن الرِّدَّة تُبطل اليمين؛ لالتحاقه حينئذ بالكافر الأصلي.
وبناء على ما ذهب إليه الحنفية والمالكية لا يلزمه من يمينه تلك شيءٌ، وإن أراد أن يأخذ بالاحتياط ويخرج من الخلاف يُكفِّر عن هذه اليمين. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) جاء في «أسنى المطالب» من كتب الشافعية (4/273): «(فصل) في أصول تتعلق بالكتاب (لا تنعقد يمين صبي و) لا (مجنون و) لا (مكره) لعدم صحة عبارتهم شرعا (ويمين سكران كطلاقه) فتنعقد (وتنعقد من كافر) كمسلم».
(2) جاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (11/15-16): «وأما الكافر: فتنعقد يمينه وتلزمه الكفارة، وإن حنث في كفره».
(3) جاء في «بدائع الصنائع» من كتب الحنفية (3/10-11): «(فصل): وأما شرائط ركن اليمين بالله تعالى فأنواع بعضها يرجع إلى الحالف، وبعضها يرجع إلى المحلوف عليه، وبعضها يرجع إلى نفس الركن، أما الذي يرجع إلى الحالف فأنواع منها: أن يكون عاقلا بالغا فلا يصح يمين الصبي والمجنون وإن كان عاقلا؛ لأنها تصرف إيجاب وهما ليسا من أهل الإيجاب ولهذا لم يصح نذرهما، ومنها أن يكون مسلما فلا يصح يمين الكافر وهذا عندنا وعند الشافعي ليس بشرط حتى لو حلف الكافر على يمين ثم أسلم فحنث فلا كفارة عليه عندنا وعنده تجب الكفارة إلا أنه إذا حنث في حال الكفر لا تجب عليه الكفارة بالصوم بل بالمال».
(4) جاء في «حاشية الصاوي» من كتب المالكية (2/188-196): «اليمين في العرف: الحلف، وهو قسمان اليمين: الأول: تعليق طاعة أو طلاق على وجه قصد الامتناع من فعل المعلق عليه، أو الحض على فعله، نحو: إن دخلت الدار أو إن لم أدخلها فطالق؛ والأول يمين بر، والثاني يمين حنث. والثاني قسم بالله أو بصفة من صفاته. وأشار للقسم الأول بقوله: (تعليق مسلم) لا كافر – ولو كتابيا – فلا يعتبر تعليقه ولا يلزمه إن حنث شيء ولو أسلم بعد التعليق».