عندنا إمامُ مسجد في قرية في جنوب تونس يكتب الطلاسم، ويدَّعي أنه يشفي النَّاس من عدة أمراض؛ مثل الصرع والعين والسحر- عافاك الله والمسلمين، ويقول: إنه لا يستعمل هذه الطلاسم إلا للإصلاح والشفاء، وإنه لا يستعملها للإفساد بين النَّاس مهما أُغري بالمال.
نصحه بعضُ أهل العِلْمِ في الجهة بالابتعاد عن هذا لكنه أصرَّ على رأيه وقال: أنا لا أعمل إلا الجانب الحسن ولا أعمل الجانب السيئ، والكتاب الذي آخذ منه علمي بهذا هو خاتم سليمان. مع العِلْمِ أنه يأخذ مقابل هذه الطلاسم مبالغ هائلة من المال.
فهل يجوز يا سماحة الشَّيخ الصَّلاةُ وراءه؟ وهل تجوز إمامته أصلًا؟ مع العِلْمِ أنه لا يوجد مسجدٌ آخر في القرية، وإذا امتنع الواحد منا عن الصَّلاة وراءه هجر المسجد، وتنحيته صعبة جدًّا. وبارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن هذه التمائم مما اتَّفَق أهل العِلْمِ على منعه، وإن كانت تتضمَّن استغاثة بغير الله كالاستعانة بالشياطين أو التعلق بالنجوم ونحوها- كانت من الشِّرك الأكبر، فلا يخلو حالُه من تردُّده بين الشرك أو البدعة، فالإنكار عليه وتحذير النَّاس منه من جملة الاحتساب المشروع، والسَّعْي في تنحيته عن الإمامة بما لا يُؤدِّي إلى مفسدة أعظم- من جملة السَّعْي لإقامة الدين وحراسة معالمه، وترك الصَّلاة خلفه في هذه الحالة قولٌ مُتوجِّه، ما لم يؤدِّ ذلك إلى ترك الجُمَع والجماعات.
أمَّا إذا تيقَّنت أنه فيما يكتبه من تمائم يستعين بغير الله ويتقرَّب إليه بصنوفٍ من العبادات فيُصبح ترك الصَّلاة خلفه مُتعيِّنًا، وعلى أهل الحقِّ أن يسعَوا في هذه الحالة لتنصيب غيره أو لإقامة مسجدٍ آخر يُؤسَّس على التقوى من أول يوم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.