– ما الحكم الشرعي لما يعرف عندنا (فلسطين 48) بصندوق الاستكمال؟ وهو برنامج توفير لمعلمي المدارس التابعة للمعارف، الهدف منه تشجيع المعلم على الخروج في إجازة مدفوعة الأجر لمدة سنة كاملة بعد ست سنوات عمل، بشرط أن يتعلم خلال هذه السنة على حساب الصندوق ما يفيده، ولكي يتجدد نشاطه عندما يعود لمزاولة عمله، ثم يدخر من جديد فترة ست سنوات أخرى كي يحصل على إجازة مدفوعة الأجر لمدة سنة كاملة كما في المرة السابقة… وهكذا، مع العلم أن الاشتراك في هذا الصندوق اختياري وليس إلزاميًّا. وهذا الصندوق يعمل وفق النظام التالي: يدخر فيه المعلم مبلغًا من المال يُقتطع من راتبه شهريًّا وتضع وزارة المعارف مقابل هذا المبلغ ضعفيه في الصندوق لصالح المعلم، ويستمر الادخار في هذا الصندوق ست سنوات على الأقل بحيث لا يستطيع المعلم سحب هذه الأموال قبل انتهاء المدة، وفي نهاية السنوات الست يحق للمعلم الخروج في إجازة مدفوعة الأجر لمدة سنة كاملة، بشرط أن يتعلم خلالها على حساب الصندوق ما يفيده، وفي حالات معينة يستطيع سحب هذه الأموال بدل الخروج في إجازة بعد انتهاء السنوات الست إذا أثبت بأنه مدين دينًا فاحشًا لجهة ما أو أنه يعيل بالإضافة إلى زوجته وأولاده أحد والديه أو كليهما أو أحدًا من أقاربه أو أنه بحاجة إلى تجديد أو توسيع بيته ليتناسب مع ازدياد عدد أفراد عائلته. هذه الأموال توضع في بنك ربوي ويعطى عليها ربًا يسمونه أرباحًا وتعويضًا يعادل قيمة انخفاض العملة بسبب غلاء المعيشة، أي تعويضًا عن هبوط قيمة النقد، إذا اختار المعلم سحب هذه الأموال من الصندوق فإنه يحصل على جميع الأموال التي اقتطعت من مرتبه و89% من الأموال التي وضعها المشغل لصالحه، مضافًا لكل ذلك ما يسمى بالأرباح (الربا) والتعويض عن هبوط قيمة النقد. 2- هل يتغير الحكم إذا اشترط المعلم عند توقيع الاتفاقية ألا يدفع الربا عن الجزء الذي يقتطع من راتبه هو فقط، بينما يبقى التعامل الربوي في جزء الحكومة؟ أفيدونا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الفكرة من حيث المبدأ مشروعة ولكن يشوش عليها الاستثمار الربوي لأرصدة الصندوق، فماله الذي اقتطع منه وما بذل له تبرعًا من الجهة المشرفة على الصندوق لا إشكال في حله، ولكن المشكلة في هذه الزيادات الربوية التي لا يشفع لها ما يقال من أن هذا تعويض عن فرق التضخم أو مقابل هبوط قيمة العملة ونحوه، فهي ربا على كل حال، ولكن لما كانت الجهة القائمة على المشروع لا تلتزم بأحكام الشريعة لانتسابها إلى كيان لا يدين بالإسلام ولا يسالم أهله، وكانت فكرة المشروع قائمة على التبرع ابتداء؛ فهذه الجهة متبرعة بضعف المبلغ المقتطع من الموظف ومتبرعة بمتابعة هذه الاستثمارات وإن كانت محرمة فلا دخل للموظف بمتابعة هذه الاستثمارات ولا يد له في توجيه مسارها فعليها يقع عبء الإثم والتبعة.
فإن استطاع الموظف أن يتجنب هذه الاستثمارات الربوية سواء بالنسبة لما اقتطع من راتبه أو للجزء المتبرع له به فليفعل، وإن لم يقدر على ذلك فإن له أن يأخذ أصل ماله وما تبرع له به من هذه الجهة، أما ما زاد على ذلك فسبيله التخلص منه بتوجيهه إلى المصارف العامة، ولا يتركه لهذه الجهة، ولا يبعد القول بجواز أن يتموله كله لأن التبعة على هذه الجهة فهي التي تبرعت بها وتحملت تبعاتها، وهي كما سبق لا تدين بالإسلام ولا تلتزم بأحكام شريعته، وإن كان المسلك الأول أورع وأحوط. والله تعالى أعلى وأعلم.