فضيلة الشيخ، ما الحكم في خلاف نشأ بيني وبين زوجتي، وقمت للأسف بصَفْعها، وبعدها تصالحنا ولكنها اشترطت أن أحلف لها على المصحف بأنني لو ضربتُها ثانيةً جادًّا أو مازحًا طوال حياتها معي تكون طالقًا مني، فهل هذا يكون طلاقًا مُعلَّقًا، أم أنه يكون في حكم اليمين؟ وإذا كان طلاقًا مُعلَّقًا فهل هو يُفيد التكرارَ، أم أنه حينما يقع مرةً ينفكُّ الشرطُ؟ علمًا بأنني لا أستطيع الجَزْم بنيَّتي في أثناء الحلف هل كان للمنع أم للطلاق، وعلمًا بأنني أُريد المحافظةَ على حياتنا، خاصة أنه لدينا ولدان. أرجو الإفادة لكلِّ جزئياتِ السؤال حتى أستريح. وبارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فالذي يظهر أنه ما قلتَه لزوجتك طلاقٌ مُعلَّق، وجمهور أهل العلم على وقوعه عند وقوع المُعلَّق عليه، ولكن الطلاقَ لا يتكرَّر بتكرُّر الحِنْث ما دامت صيغةُ يمينك لا تُفيد التكرار، قال ابن قُدَامة في «المغني»: «وجملته أن مَن قال لزوجته: إن خرجتِ إلا بإذني، أو بغير إذني، فأنتِ طالق. أو قال: إن خرجت إلا أن آذن لك، أو حتى آذن لك، أو إلى أن آذن لك. فالحكم في هذه الألفاظ الخمسة أنها متى خرجَتْ بغير إذنه طَلُقَتْ وانحلَّتْ يمينه؛ لأن حرف (إلا) يقتضي تكرارًا، فإذا حنث مرةً انحلَّت، كما لو قال: أنتِ طالق إن شئت. انتهى»(1).
وليس معنى ذلك استهانتُك بضَرْب زوجتك، فإن الذين يضربون نساءهم ليسوا خيارَ الناس كما أخبر بذلك المعصومُ ﷺ(2)، وتذكَّر قولَ الله تعالى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: 34].
ونسأل الله أن يُصلح ذاتَ بينِكم، وأن يقذف المحبَّةَ بينكم والهدى في قلوبكم، واللهُ تعالى أعلى وأعلم .
_________________
(1) «المغني» (10/46).
(2) أخرجه مسلم(1985).