أرجو من فضيلتكم أن يتسع صدركم لإرشادي للفتوى الصحيحة.
لقد طلقني زوجي قبل سبع سنوات طلقتين في غضب شديد، الحالة التي قال عنها ابن القيم :: «إنه لا يملك نفسه من شدة الغضب فاندفع دفعًا للطلاق».
ولكن زوجي لم يذهب للإفتاء؛ لذلك قمت أنا بعدها بثلاث سنوات بإرسال رسالة بالمشكلة بالإيميل لبعض المواقع، والآن وبعد هذه السنوات وتحت ظروف أخرى طلقني زوجي طلقة ثالثة، وهنا قلت له: الآن لابد من مراجعة الإفتاء شخصيًّا، حيث إنه كان يرفض المراجعة الشخصية مبررًا أنه كان في غضب شديد.
وفعلًا وافق أن يراجع الإفتاء، فهو يقول: أنا واثق من حالة غضبي. والمشكلة عندي أني نسيت حادثتي الطلاق؛ لأنها كانت قبل سبع سنوات، ولا أذكر التفاصيل، ودليلي الوحيد هو إيميلاتي التي كتبتها، وأخشى أن يحكم المفتي بعدم الطلاق بناء على وصف زوجي، وفي الحقيقة هو طلاق، فأنا نسيت التفاصيل وأصبت بوسواس، حتى إني عندما أقرأ إيميلاتي لا أصدقها، وأقول: لا، هو لم يكن غاضبًا مع أني بالسابق كنت أصدق أنه كان في غضب.
وسؤالي الآخر هو: أنا الآن أستخير وأقول: إنه لو كان فعلًا طلاقًا فسوف يحكم المفتي بالطلاق، وإن لم يكن في الحقيقة طلاقًا فسوف يحكم المفتي بعدم الطلاق، وأدعو بذلك: اللهم أظهر الحق وازهق الباطل، إن الباطل كان زهوقًا.
فهل صلاة الاستخارة فعلًا تفيدني بأن يُيسِّر الله تعالى الفتوى التي تُيسِّر لنا حياة يرضى عنها الله تعالى بعيدًا عن الحرام بإذن الله؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن العصمة بيد الزوج، وهو المسئول ديانةً عما يصدر عنه من طلاق، والمسئول عن وصف حالته للمفتي بأمانة ودقة، فإن ادَّعى أنه بلغ في طلاقه مبلغ الإغلاق ولم يكن كذلك فسوف يبوء بإثمه، ولا يلزمك من ذلك شيء، إلا إذا كنت متحققة من كذبه وذاكرة له، فسليه أن يشرح حاله للمفتي بدقة، وخوِّفيه بالله عز و جل ، واذكري له زلة القدم بين يديه، وأن الخاسرين هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة(1)، واطرحي عنك هذه الوساوس التي تتعذبين بها ولا دليل عليها؛ فإن مَن ذَكَر حجةٌ على من لم يذكر، ومن عَلِم حجةٌ على من لم يعلم، وزوجك حين يؤكد أمام المفتي على حالة الإغلاق التي غشيته أثناء الطلاق فإن قوله أولى بالقبول من مجرد ما تذكرينه من وسواس وتوهمات، فهو كما سبق صاحب العصمة وعلى عاتقه تقع التبعة.
ولا مدخل للاستخارة في مثل هذه النازلة، ولكن أكثري من الدعاء أن يلهم الله زوجك رشده، وأن يوفقه إلى الصدق في استفتائه، وأن يلهم المفتي القول السديد في جوابه. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) قال تعالى: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر: 15].