شيخنا الفاضل، أرجو أن تُجيب عن فتواي: ما حكم الدِّين فيما أتحمله من زوجي من ضربٍ وسَرْقِ مصوغاتي الذَّهَبية وتزوُّجه عليَّ وأنا ما زلت أُحبه، كلَّ يوم يضربني من دون سببٍ، وأنا أحتسب أجري عند الله من أجل أن أدخل الجنة ويكون لي قصرٌ في الجنة، وهو يضطهدني وأتحمَّله، ولا يُكلِّمني ودائمًا غاضب، وأنا أتوسَّل إليه أن يرحمني وهو غير مُبالٍ بي، فإنه يحتقرني ولا يُريد أن يُطلِّقني، ويقول: الطَّلاق حرام.
وإنني قد تحمَّلتُ منه في سبيل الله، ومع ذلك أذهب لمصالحته وما أجري إلا على الله من أجل أن أدخل قبله الجنة، وهنالك سوف أُقاضيه أمام الله وأسبقه في دخول الجنة وأجد لي قصرًا هنالك أفضل من بيته. أرجوك يا فضيلة الشَّيخ، ما حكم الشَّرع فيما أقول؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن احتمالَ الأذى والعفوَ عن المسيء واحتساب الأجر في ذلك على الله عز و جل من أجلِّ القُرُبات التي لا يَقْوَى عليها ولا يُلقَّاها إلا ذو حظٍّ عظيم، ولكني أقول لك: يا أمة الله، اجتهدي في التَّعرُّف على أسباب هذا النشوز من قِبَل الزَّوج؛ فقد جعل اللهُ لكلِّ شيءٍ سببًا، و«مَا أَنْزَلَ اللهُ عز و جل دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»(1)، فلعل اللهَ أن يُوفِّقَك إلى طريقةٍ تُزيلين بها أسبابَ هذا الشِّقاق فتنعمي مع زوجِكِ بحياةٍ وادعةٍ هانئة مُستقِرَّة بإذن الله.
ثم استعيني على ذلك بالاستغفار وقيام الأسحار ودوام الضَّراعة إلى الله جلَّ وعلا؛ فإن لله ساعاتٍ لا يَرُدُّ فيها سائلًا، فتحيَّني هذه السَّاعات.
أمَّا دخول الجَنَّة فلا نستطيع الجزمَ به لأنفسنا ولا لأحدٍ من النَّاس، وإِنَّمَا نرجو للمحسنين ونخاف على المسيئين، ونسأل الله لنا ولك التَّوفيق، وأن يُصلح لك زوجك وأن يَرُدَّه إليه ردًّا جميلًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/413) حديث (3922)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» حديث (3438) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/50) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».