لي سؤالٌ: ما معنى «تَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»(1)؟ وهل إذا حدث خلافٌ بيني وبين زوجي وتركتُ البيتَ أو طلبتُ الطَّلاق لأننا غيرُ متفاهمين اعتُبر هذا الفعل من كُفْر العشير؟ جزاك اللهُ خيرًا
_________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «كفران العشير وكفر دون كفر» حديث (29)، ومسلم في كتاب «الكسوف» باب «ما عرص على النبي ﷺ» حديث (907)، من حديث ابن عباس ؛ قال: قال النبي ﷺ: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ؛ يَكْفُرْنَ» قيل: أيكفرن بالله؟ قال: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن كُفْرَ العشير هو جحودُ نعمته وعدمُ شكره على ما قدَّم، وعدم مقابلة إحسانه بإحسانٍ وتقدير.
ولا ينبغي عند كلِّ خصومةٍ أن تنشزَ الزوجةُ على زوجها وتترك بيتَها وتطلب فِراقَ عشيرها؛ فإن هذا ليس من شأن الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ اللهُ(1)، وإنَّ حُسْنَ تبعُّل المرأة لزوجها يُلحقها بدرجة النُّسَّاك.
فنُوصيك بزوجك خيرًا، واذكري وصيةَ هذه العربية لابنتها: «كوني له أَمَةً يكن لك عبدًا وشيكًا»(2).
واعلمي أنه جَنَّتُك أو نارُك، وأن طاعتَه والتماسَ مرضاته من أسباب مرضاة الربِّ جلَّ وعلا والفوز بجناته لعظم حقه عليها(3).
بارك اللهُ فيك وزادك حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) قال تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ [النساء: 34]
(2) انظر: «العقد الفريد» لابن عبد ربه (6/91)، و«مجمع الأمثال» للميداني (2/263)، و«جمهرة خطب العرب» (1/145).
(3) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الرضاع» باب «ما جاء في حق الزوج على المرأة» حديث (1159) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْـمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا»، وقال الترمذي: «حديث حسن».