يُصادف عند العمل في مكتب المحاسبة أني أكتب بسملة أو اسم شخص مثل «عبد الله» في أوراق الحاسبات، والتي تتضمن بعض البيانات عن الربا، أو عند الذهاب للمكتب أقول: إن شاء الله، وقد قرأت في «حاشية الإمام الطحاوي»: أنه يأثم ذِكر الله أثناء المعصية ويكفر بالاستهانة به. فهل يُعد ذلك كفرًا استهانة مني عندما أفعل ذلك؟
وهل آثَم إذا قرأتُ ورقة فيها بسملة وفيها بعض البيانات عن الربا؟
أعلم أن كاتبَ الربا ملعون، ولكني أتعلم في ذلك المكتب حتى أكتسب خبرة للعمل في أماكن لا تخلو من ربًا إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فجزاكم اللهُ خيرًا على الدقة في محاسبة النفس، وقد نص أهل العلم على حرمة ذكر اسم الله سبحانه عند فعل المعاصي، جاء في «حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح»: «والإتيان بالبسملة عملٌ يصدر من المكلف، فلابد أن يتصف بحكم، فتارة يكون فرضًا كما عند الذبح، وتارة يكون الإتيان بها حرامًا كما عند الزنى ووطء الحائض وشرب الخمر وأكل مغصوب أو مسروق قبل الاستحلال، أو أداء الضمان. والصحيح أنه إن استحل ذلك عند فعل المعصية كفر، وإلا لا، وتلزمه التوبة، إلا إذا كان على وجه الاستخفاف، فيكفر أيضًا»(1). انتهى.
فذِكر اسم الله سبحانه عند فِعل هذه الفواحش وأمثالها أقلُّ أحواله التحريم؛ فإن قصد صاحبه به الاستهزاء أو السخرية كفر بلا خلاف.
وأرجو ألا يكون ما تفعله من جنس ما تحدَّث عنه الإمام الطحاوي :، فمجرد كتابة الاسم الذي يتضمن اسم الله كعبد الله، من الأمور العادية التي لا يُقصد بها التنسك.
وقولك: إن شاء الله في غُدُوِّك أو رواحك من جملة تديُّنك العام في حياتك اليومية، ولا علاقة له بخصوصية كتابتك للربا، وما دمت على نية التحول عن هذا العمل عند أول القدرة على ذلك، وأن بقاءك فيه مرهون باكتساب الخبرة، فأرجو أن تكون في دائرة الرخصة. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) «حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح»(1/2).