أنا عربي مسلم وقد توفيت زوجتي وابني الشاب وابنتي الصغيرة إثر حادث طرق مروع منذ شهرين في سيارة كنت أملكها وكان يقودها ابني المتوفي. وقد بقي من عائلتي على قيد الحياة أنا (رب العائلة) وابن وحيد وابنة وحيدة. السيارة مؤمن عليها من قِبلي لدى إحدى شركات التأمين وفقًا لأحكام القانون المدني المعمول به في الدولة التي أقيم بها، وهو أمر إجباري لا خيار لي فيه. وشركة التأمين هذه ملزمة بدفع تعويضات مالية لمن تبقى من العائلة على قيد الحياة, يقرر مقدار هذه التعويضات محكمة مدنية تبت في هذا الأمر. وسؤالي هو: هل هذه التعويضات تعتبر ميراثًا (تركة) ويجب تقسيمها حسب أحكام الشريعة الإسلامية؟ وفي هذه الحالة هل سيكون لأب الزوجة وأمها أو آخرين حق في الميراث؟ وسأعطي كل ذي حق حقه من المال الذي سيدفع من قبل شركة التأمين بسماحة ورحابة صدر في حال أن هذا المال يعتبر ميراثًا أو تركة لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه. أما في حال أن هذا المال ليس ميراثًا إنما هو تعويضات أقرتها القوانين المدنية وتعطى لعائلة المتوفَّين؛ حيث إنهم (المتوفَّين) لم يتركوا وراءهم أي تركة، فإن لي كامل الحق في منح أو منع أي واحد من الورثة الشرعيين للميراث من هذا المال بإذن الله. وأخيرًا فإن جوهر السؤال باختصار هو: هل المال الذي سيدفع من قبل شركة التأمين يعتبر ميراثًا (تركة) أم لا؟وجزاكم الله عني وعن عائلتي كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الذي يظهر- ونحن أمام تأمين إجباري تلزم به القوانين- أنه يجري على هذه التعويضات أحكام الميراث باعتبارها ديات، فتقسم وفق أحكامه على ورثة من توفي في هذه الحادثة، ويعطى كل ذي حق حقه؛ لأنها بمثابة حقوق أو ديون ترتبت لهؤلاء الموتى في ذمة الغير، والديون من جملة التركة بلا نزاع، سواء أكانت لهم أم كانت عليهم، فما كان لهم يضاف إلى التركة، وما كان عليهم يستقطع منها، وإذا تقرر تخريجها على أساس الديات فإن ما زاد من هذه التعويضات على الديات يرد إلى المصارف العامة، وإن أردت مزيدًا من الاحتياط لنفسك ولمن سبقك من أهلك إلى لقاء الله عز وجل، فاستبقِ للورثة ما يقابل الأقساط التي دفعت من قبلك بالفعل، ثم تخلص من الباقي بتوجيهه إلى المصارف العامة.
ونسأل الله أن يجبر كسرك، وأن يطيب خاطرك، وأن يجمعك بأهلك في مقعد صدق عند مليك مقتدر. والله تعالى أعلى وأعلم.
هل التعويضات المالية تركة تقسم؟
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012